الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل .

                                                                                                                          ويجوز للشركاء أن ينصبوا قاسما يقسم بينهم ، وأن يسألوا الحاكم نصب قاسم يقسم بينهم ، ومن شرط من ينصب أن يكون عدلا عارفا بالقسمة ، فمتى عدلت السهام وأخرجت القرعة لزمت القسمة ، ويحتمل أن لا تلزم فيما فيه رد بخروج القرعة ، حتى يرضيا بذلك ، وإذا كان في القسمة تقويم لم يجز أقل من قاسمين ، وإن خلت من تقويم أجزأ قاسم واحد ، وإذا سألوا الحاكم قسمة عقار ، لم يثبت عنده أنه لهم قسمه ، وذكر في كتاب القسمة : أن قسمه بمجرد دعواهم ، لا عن بينة شهدت لهم بملكهم ، وإن لم يتفقوا على طلب القسمة لم يقسمه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل .

                                                                                                                          ( ويجوز للشركاء ) أن يتقاسموا بأنفسهم و ( أن ينصبوا قاسما يقسم [ ص: 133 ] بينهم ) لأن الحق لهم لا يعدوهم ( وأن يسألوا الحاكم نصب قاسم يقسم بينهم ) لأن طلب ذلك حق لهم ، فجاز أن يسألوا الحاكم ـ كغيره من الحقوق ـ ( ومن شرط من ينصب أن يكون عدلا عارفا بالقسمة ) مع إسلام ، وإن كان عبدا ، وفي " المغني " : عارفا بالحساب ؛ لأنه كالخط للكاتب .

                                                                                                                          وفي " الكافي " : إن كان من جهة الحاكم اشترطت عدالته .

                                                                                                                          وإن كان من جهتهم لم تشترط ، إلا أنه إن كان عدلا كان كقاسم الحاكم في لزوم قسمته ، وإن لم يكن عدلا لم تلزم قسمته إلا بتراضيهما ـ كما لو اقتسموا بأنفسهم ـ ، وتباح أجرته ، وعنه : هي كقربة .

                                                                                                                          نقل صالح : أكرهه ، قال ابن عيينة : لا تأخذ على شيء من الخير أجرا ، وهي على قدر الأملاك ، نص عليه .

                                                                                                                          وفي " الترغيب " : إذا أطلق الشركاء العقد ، وأنه لا ينفرد واحد بالاستئجار بلا إذن ، وقيل : بعدد الملاك ، وفي " الكافي " : على ما شرطا .

                                                                                                                          فعلى النص : أجرة شاهد يخرج لقسم البلاد ، ووكيل وأمين للحفظ على مالك وفلاح كأملاك ، ذكره الشيخ تقي الدين ( فمتى عدلت السهام وأخرجت القرعة لزمت القسمة ) ـ أي : قسمة الإجبار ـ لأن القاسم كالحاكم ، وقرعته كالحكم ، نص عليه ، قدمه في " المستوعب " و " المحرر " ، وجزم به في [ ص: 134 ] " الوجيز " ، بدليل أنه يجتهد في تعديل السهام ، كاجتهاد الحاكم في طلب الحق ، فوجب أن تلزم قرعته .

                                                                                                                          وقسمة التراضي إذا لم يكن فيها رد عوض فتلزم ، كما إذا كان فيها رد عوض على المذهب ( ويحتمل أن لا تلزم فيما فيه رد ) عوض ( بخروج القرعة ، حتى يتراضيا بذلك ) بعد القرعة ، سواء قسمها الحاكم أو قاسمه أو قاسمهم ؛ لأن رضاهما معتبر في الأول ، ولم يوجد ما يزيله ، فوجب استمراره ، ولأنها بيع فلا يلزم بغير التراضي كسائر البيوع ، وقيل : الرضى بعدها مطلقا .

                                                                                                                          وفي " المغني " و " الشرح " : بالرضى بعدها إن اقتسماه بأنفسهما ، وإن تراضيا على أن يأخذ كل واحد منهما سهما بغير قرعة ، أو خير أحدهما صاحبه ، فاختار أحد القسمين جاز ، ويلزم بتراضيهما وتفرقهما كالبيع . ذكره جماعة ( وإذا كان في القسمة تقويم لم يجز أقل من قاسمين ) ذكره في " المستوعب " و " الشرح " ، وجزم به في " الوجيز " ، وقدمه في " المحرر " و " الرعاية " ؛ لأنها شهادة بالقيمة فلم يقبل أقل من اثنين ، كسائر الشهادات ، وقيل : يكفي فيه واحد ( وإن خلت من تقويم أجزأ قاسم واحد ) لأن القاسم مجتهد في التقويم ، وهو يعمل باجتهاده أشبه الحاكم .

                                                                                                                          وفي " الكافي " : لأنه حكم بينهما ، فأشبه الحاكم ، ( وإذا سألوا الحاكم قسمة عقار ، لم يثبت عنده أنه لهم قسمه ) لأن اليد دليل الملك ، ولا منازع لهم ، فثبت [ ص: 135 ] لهم من طريق الظاهر ، فوجب أن يتناول ثبوت الملك في القسمة ( وذكر ) الحاكم القاسم ( في كتاب القسمة أن قسمه بمجرد دعواهم ، لا عن بينة شهدت لهم بملكهم ) لئلا يتوهم الحاكم بعده أن القسمة وقعت بعد ثبوت ملكهم ، فيؤدي ذلك إلى ضرر من يدعي في العين حقا ، وقد سبق ( وإن لم يتفقوا على طلب لم يقسمه ) حتى يثبت عنده أنه ملكهم ؛ لأن الإشاعة حق لكل واحد منهم ، لم يرض بعضهم ولم يثبت ما يوجب القسمة لم يجز التصرف في حقه بغير رضاه .

                                                                                                                          وفي " الرعاية " : إن كان بين شريكين مهايأة لازمة ، فطلب أحدهما القسمة بطلت المهايأة .




                                                                                                                          الخدمات العلمية