الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    83 - ( فصل )

                    الطريق الثامن عشر الحكم بالإقرار .

                    قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط } ، وفي الآية الأخرى : { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم } ولا خلاف أنه لا يعتبر في صحة الإقرار أن يكون بمجلس الحاكم ، إلا شيئا حكاه محمد بن الحسن الجوزي في كتاب النوادر " له فقال : قال ابن أبي ليلى : لا أجيز إقرارا في حق أنكره الخصم عندي إلا إقرارا بحضرتي ، - ولعله ذهب في ذلك إلى أن الإقرار لما كان شهادة المرء على نفسه اعتبر له مجلس الحكم ، كالحكم بالبينة ، والفرق ظاهر لا خفاء به .

                    84 - ( فصل )

                    ويحكم بإقرار الخصم في مجلسه إذا سمعه معه شاهدان بغير خلاف ، فإن لم يسمعه معه غيره ، فنص أحمد على أنه يحكم به ، وإن لم نقل يحكم بعلمه ، فإن مجلس الحاكم مجلس فصل الخصومات ، وقد جلس لذلك ، وقد أقر الخصم في مجلسه ، فوجب عليه الحكم به ، كما لو قامت بذلك البينة عنده ، وليس عنده أحد غيره يسمع معه شهادتهما ، فإن هذا محل وفاق .

                    وقال القاضي : لا يحكم بالإقرار في مجلسه حتى يسمعه معه شاهدان ; دفعا للتهمة عنه ، إلا أن [ ص: 163 ] يقول ، يقضي بعلمه ، فإنه يجوز له الحكم حينئذ . والتحقيق أن هذا يشبه مسألة الحكم بعلمه من وجه ، ويفارقها من وجه . فشبه ذلك بمسألة حكمه بعلمه ; أنه ليس هناك بينة ، وهو في موضع تهمة . ووجه الفرق بينهما ; أن الإقرار بينة قامت في مجلسه ; فإن البينة : اسم لما يبين به الحق ، فعلم الحق في مجلس القضاء الذي انتصب فيه للحكم به ، وليس من شرط صحة الحكم أن يكون بمحضر الشاهدين ، فكذلك لا يعتبر في طريقه أن يكون بمحضر شاهدين ، وليس هذا بمنزلة ما رآه أو سمعه في غير مجلسه .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية