82 - ( فصل )
قال شيخنا رحمه الله : عموم كلام الأصحاب يقتضي أنها لا تعتبر ، وإن كنا إذا قبلنا شهادة بعضهم على بعض اعتبرنا عدالتهم في دينهم . وهل تعتبر عدالة الكافرين في الشهادة بالوصية في دينهما ؟
وصرح : بأن العدالة غير معتبرة في هذه الحال ، والقرآن يدل عليه . وصرح القاضي : أنه لا تقبل شهادة فساق المسلمين في هذا الحال ، وجعله محل وفاق ، واعتذر عنه . وفي اشتراط كونهم من القاضي أهل الكتاب روايتان ، وظاهر القرآن : أنه لا يشترط ، وهو الصحيح ، لأنه سبحانه قال للمؤمنين : { أو آخران من غيركم } وغير المؤمنين : هم الكفار كلهم ، ولأنه [ ص: 162 ] موضع ضرورة ، وقد لا يحضر الموصي إلا كفارا من غير أهل الكتاب ، وإن تقييده بأهل الكتاب لا دليل عليه ، ولأن ذلك يستلزم تضييق محل الرخصة ، مع قيام المقتضي لعمومه .
فإن قيل : فهل يجوز في هذه الصورة أن يحكم بشهادة كافر وكافرتين ؟ قيل : لا نعرف عن أحد في هذا شيئا ، ويحتمل أن يقال بجواز ذلك ، وهو القياس ، فإن الأموال يقبل فيها رجل وامرأتان ، وهذا قول وهو يحتج بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : { أبي محمد بن حزم } " ( 146 ) وهذا العموم جوز الحكم أيضا في هذه الصورة بأربع نسوة كوافر وليس ببعيد عند الضرورة ، إذا لم يحضره إلا النساء بل هو محض الفقه . فإن قيل : فهل ينقض حكم من حكم بغير حكم هذه الآية ؟ . قيل : أصول المذهب تقتضي نقض حكمه ، لمخالفته نص الكتاب . أليست شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟
قال شيخنا رضي الله عنه في تعليقه على " المحرر " : ويتوجه أن ينقض حكم الحاكم إذا حكم بخلاف هذه الآية ، فإنه خالف نص الكتاب العزيز بدلالات ضعيفة .