الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    68 - ( فصل )

                    وحيث قبلت شهادة النساء منفردات ، فقد اختلف في نصاب هذه البينة ، فقال الشعبي والنخعي - في رواية عنهما - وقتادة وابن شبرمة والشافعي وداود : لا يقبل أقل من أربع نسوة ، واستثنى داود الرضاع ، فأجاز فيه شهادة امرأة واحدة .

                    وقال عثمان البتي : لا يقبل فيما يقبل فيه النساء منفردات إلا ثلاث نسوة ، لا أقل من ذلك .

                    وقالت طائفة : تقبل امرأتان في كل ما يقبل فيه النساء منفردات ، وهو قول الزهري ، إلا في الاستهلال خاصة ، فإنه تقبل فيه القابلة وحدها .

                    وقال الحكم بن عيينة : لا يقبل في ذلك كله إلا امرأتان ، وهو قول ابن أبي ليلى ، ومالك ، وأبي عبيد ، وأجاز علي بن أبي طالب شهادة القابلة وحدها كما تقدم .

                    قال ابن حزم : وروينا ذلك عن أبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما في الاستهلال ، وورث عمر به ، وهو قول الزهري ، والنخعي ، والشعبي - في أحد قوليهما - وهو قول الحسن البصري ، وشريح ، وأبي الزناد ، ويحيى الأنصاري ، وربيعة ، وحماد بن أبي سليمان ، قال : وإن كانت يهودية ، كل ذلك في الاستهلال .

                    وقال الشعبي وحماد : ذلك في كل ما لا يطلع عليه إلا النساء ، وهو قول الليث بن سعد .

                    وقال الثوري : يقبل في عيوب النساء وما لا يطلع عليه إلا النساء : امرأة واحدة ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ، وصح عن ابن عباس .

                    وروي عن عثمان ، وعلي وابن عمر ، والحسن البصري ، والزهري .

                    وروي عن ربيعة ، ويحيى بن سعيد ، وأبي الزناد والنخعي ، وشريح ، وطاوس ، والشعبي الحكم في الرضاع بشهادة امرأة واحدة ، وأن عثمان رضي الله عنه فرق بشهادتهما بين الرجال ونسائهم ، [ ص: 132 ] وذكر الزهري أن الناس على ذلك ، وذكر الشعبي ذلك عن القضاة جملة .

                    وروي عن ابن عباس : أنها تستحلف مع ذلك . وصح عن معاوية : أنه قضى في دار بشهادة أم سلمة أم المؤمنين ، ولم يشهد بذلك غيرها .

                    قال أبو محمد بن حزم : وروينا عن عمر ، وعلي ، والمغيرة بن شعبة ، وابن عباس : أنهم لم يفرقوا بشهادة امرأة واحدة في الرضاع ، وهو قول أبي عبيد ، قال : لا أقضي في ذلك بالفرقة ، ولا أقضي بها . وروينا عن عمر رضي الله عنه أنه قال : " لو فتحنا هذا الباب لم تشأ امرأة أن تفرق بين رجل وامرأته إلا فعلت " .

                    وقال الأوزاعي : أقضي بشهادة امرأة واحدة قبل النكاح ، وأمنع من النكاح ولا أفرق بشهادتها بعد النكاح .

                    وقال عبد الرزاق : حدثنا ابن جريج ، قال : قال ابن شهاب : جاءت امرأة سوداء إلى أهل ثلاثة أبيات تناكحوا ، فقالت هم بني وبناتي ، ففرق عثمان رضي الله عنه بينهم .

                    قال : وروينا عن الزهري أنه قال : فالناس يأخذون اليوم بذلك من قول عثمان في المرضعات إذا لم يتهمن .

                    وقال ابن حزم : ولا يجوز أن يقبل في الزنا أقل من أربعة رجال عدول مسلمين ، أو مكان كل واحد امرأتان مسلمتان عدلتان ، فيكون ذلك ثلاثة رجال وامرأتين ، أو رجلين وأربع نسوة ، أو رجلا واحدا وست نسوة ، أو ثماني نسوة فقط ، ولا يقبل في سائر الحقوق كلها من الحدود والزنا ، وما فيه القصاص ، والنكاح والطلاق والأموال إلا رجلان مسلمان عدلان ، أو رجل وامرأتان كذلك ، أو أربع نسوة كذلك ، ويقبل في كل ذلك - حاشا الحدود - رجل واحد عدل ، أو امرأتان كذلك مع يمين الطالب ، ويقبل في الرضاع وحده امرأة واحدة عدلة ، أو رجل واحد عدل .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية