الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    82 - ( فصل )

                    قال شيخنا رحمه الله : وهل تعتبر عدالة الكافرين في الشهادة بالوصية في دينهما ؟ عموم كلام الأصحاب يقتضي أنها لا تعتبر ، وإن كنا إذا قبلنا شهادة بعضهم على بعض اعتبرنا عدالتهم في دينهم .

                    وصرح القاضي : بأن العدالة غير معتبرة في هذه الحال ، والقرآن يدل عليه . وصرح القاضي : أنه لا تقبل شهادة فساق المسلمين في هذا الحال ، وجعله محل وفاق ، واعتذر عنه . وفي اشتراط كونهم من أهل الكتاب روايتان ، وظاهر القرآن : أنه لا يشترط ، وهو الصحيح ، لأنه سبحانه قال للمؤمنين : { أو آخران من غيركم } وغير المؤمنين : هم الكفار كلهم ، ولأنه [ ص: 162 ] موضع ضرورة ، وقد لا يحضر الموصي إلا كفارا من غير أهل الكتاب ، وإن تقييده بأهل الكتاب لا دليل عليه ، ولأن ذلك يستلزم تضييق محل الرخصة ، مع قيام المقتضي لعمومه .

                    فإن قيل : فهل يجوز في هذه الصورة أن يحكم بشهادة كافر وكافرتين ؟ قيل : لا نعرف عن أحد في هذا شيئا ، ويحتمل أن يقال بجواز ذلك ، وهو القياس ، فإن الأموال يقبل فيها رجل وامرأتان ، وهذا قول أبي محمد بن حزم وهو يحتج بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : { أليست شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ } " ( 146 ) وهذا العموم جوز الحكم أيضا في هذه الصورة بأربع نسوة كوافر وليس ببعيد عند الضرورة ، إذا لم يحضره إلا النساء بل هو محض الفقه . فإن قيل : فهل ينقض حكم من حكم بغير حكم هذه الآية ؟ . قيل : أصول المذهب تقتضي نقض حكمه ، لمخالفته نص الكتاب .

                    قال شيخنا رضي الله عنه في تعليقه على " المحرر " : ويتوجه أن ينقض حكم الحاكم إذا حكم بخلاف هذه الآية ، فإنه خالف نص الكتاب العزيز بدلالات ضعيفة .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية