الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 317 ] قلت : أرأيت لو أن رجلا أفاد مالا تجب فيه الزكاة ، فلما مضى لذلك ستة أشهر أفاد أيضا مالا إن جمعه إلى ماله الأول لم تجب فيه الزكاة ، فتجر في المال الثاني بعد ستة أشهر من يوم أفاد المال الثاني فربح فيه حتى صار بربحه إلى ما تجب فيه الزكاة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ويضم المال الأول إلى المال الثاني لأنه كأنه رجل كانت له خمسة دنانير فائدة فمضت لها ستة أشهر ، فلما مضت لها ستة أشهر أفاد أيضا خمسة دنانير فتجر في المال الثاني فربح فيه خمسة عشر دينارا ، فإنه يضيف المال الأول إلى المال الثاني ، فإذا حال الحول على المال الثاني من يوم أفاده زكى المال الأول والمال الآخر جميعا ، لأن الفائدة الآخرة كأنها كانت خمسة عشر دينارا من يوم أفادها والخمسة الدنانير الزائدة التي فيها فضل ، فإن كان إنما تجر في المال الأول وهو خمسة دنانير فربح فيه خمسة عشر دينارا فصارت بربحه تجب فيه الزكاة ، فإنه يحتسب من يوم أفاد المال الأول سنة فيزكيه ، ويحتسب للمال الثاني من يوم أفاده سنة فيزكيه ، فيزكي المالين ، كل مال على حياله إذا كان الربح في المال الأول كما وصفت لك في صدر هذا الباب ، فإن كان الربح في المال الثاني أضاف المال الأول إلى المال الثاني فزكى المال الأول مع الثاني لأن الأول لم تجب فيه الزكاة ، فإنما يزكيه يوم يزكي المال الثاني كما وصفت لك ، قال وهذا كله قول مالك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية