الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              المبحث الثالث

              الضروريات الخمس ووسائل حفظها

              - المطلب الأول: حفظ الدين:

              المقصود بالدين حفظ الدين الحق الصحيح المنـزل من عند رب العالمين، الخالي من البدع والانحرافات، قال تعالى: ( إن الدين عند الله الإسلام ) (آل عمران:19) ،

              وقال تعالى: ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) (آل عمران:85) .

              فالدين ضرورة اجتماعية، وليس هناك أمة بدون دين، سواء كان دينا صحيحا أو فاسدا، وهو أساس الأمر كله؛ وأسمى المقاصد هو توحيد الله بحق، ونفي الشرك عنه، وعبادته كما أمر[1] .

              ومقصد حفظ الدين هو أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، ولا يمكن أن يكون معرضا للضياع والتحريف والتبديل؛ لأنه بضياعه ضياع المقاصد الأخرى، وخراب الدنيا بأسرها، فالدين عامل أساس لتحقيق التنمية الحضارية الشاملة، ومنها التنمية الاقتصادية، والتنمية البشرية المستدامة، وإيجاد صورة واقعية فعالة للسياسة الاقتصادية الإسلامية في جميع جوانبها؛ وفي ضوء مقاصدها ترتسم أهدافها ووسائلها، من أجل تنظيم حياة اقتصادية [ ص: 110 ] إسلامية تسهم في العمل بأحكام الدين، والدعوة إليه، وإبراز محاسنه وشموليته وقدرته على التحدي، والمواجهة لمشكلات الحياة كافة.

              ولقد تفطن الاستعمار الحديث إلى أهمية عامل الدين في تكوين القيم العملية الإيجابية للأجيال، وتشكيل الإدارة الحضارية لتحقيق التنمية، مترجمة في صورة سلوك إيجابي وعمل حضاري متواصل تستغرق فيه إمكانيات المجتمع كافة لتحقيق التنمية الشاملة المتوازنة ومنها «التنمية البشرية المستدامة»، فعمل الاستعمار على المستويات كافة من أجل إضعاف الوازع الديني في نفوس المسلمين، مستخدما قنوات التربية والتعليم وصياغة برامج تمييع شخصية الإنسان المسلم، وغيرها من قنوات الإعلام المرئي، والمسموع، والمكتوب.

              فتكونت أجيال مائعة مميعة، مسلمة إسلاما جغرافيا ووراثيا، وضعفت الأخلاق لدرجة أصبحت الأخلاقيات الذميمة السلبية دليلا على التحضر والتقدم، والأخلاقيات الإيمانية دليل على التخلف... [2] ، مما أدى إلى إضعاف عقيدة المسلم الصحيحة والحد من آثرها الإيجابية، وتحويلها إلى تصورات ميتة لا أثر لها في حياة الناس، والتجهيل بحقائق الدين وشعائره.

              فشرع لإيجاد حفظ الدين: الإيمان بأركانه، وأصول العبادات؛ وشرع للمحافظة عليه: الدعوة إليه ورد الاعتداء عنه ووجوب الجهاد ضد من يريد إبطاله ومحو معالمه. [ ص: 111 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية