النوع السابع في الخصومات ونحوها فيه مسائل :
إحداها : ، فله أحوال . إحداها : أن يعين القاضي فيقول : إلى القاضي فلان ، فإذا رأى منكرا ، لا يلزمه المبادرة بالدفع إليه ، بل له مهلة مدة عمره وعمر القاضي ، فمتى رفعه إليه ، بر ، ولا يشترط في الرفع أن يذهب إليه مع صاحب المنكر ، بل يكفي أن يحضر وحده عند القاضي ، ويخبره أو يكتب إليه بذلك ، أو يرسل رسولا بذلك فيخبره ، أو يكتب به كتابا ( إليه ) ، فإن لم يرفعه إليه حتى مات أحدهما بعد التمكن ، حنث ، فإن لم يتمكن من الرفع لمرض أو حبس ، أو جاء إلى باب القاضي فحجب ، ففيه قولا حنث المكره . ولو بادر بالرفع ، فمات القاضي قبل وصوله إليه فطريقان . قال الشيخ حلف لا يرى منكرا إلا رفعه إلى القاضي أبو حامد : فيه القولان ، وقال أبو إسحاق والقاضي أبو الطيب : لا يحنث قطعا وهو المذهب لأنه لم يتمكن . ولو مات الحالف في صورة المبادرة قبل وصوله إلى القاضي ، قال المتولي : لا كفارة بلا خلاف . فلو عزل ذلك القاضي ، فإن كان نيته أن يرفع إليه وهو قاض ، أو تلفظ به لم يبر بالرفع إليه وهو معزول ، ولا يحنث . وإن كان تمكن ، لأنه ربما ولي ثانيا ، واليمين على التراخي . فإن مات أحدهما قبل أن يولى ، تبينا الحنث ، وإن نوى غير ذلك القاضي ، وذكر القضاء تعريفا له ، بر بالرفع إليه وهو معزول . وإن أطلق ، فهل يبر بالرفع إليه وهو معزول ؟ وجهان : أصحهما : نعم ، كما لو قال : [ ص: 73 ] لا أدخل دار زيد هذه فباعها ، فإنه يحنث به تغليبا للعين ، فلا يحنث هنا تغليبا للعين .
الثانية : أن يقول : إلا رفعته إلى قاض ، فيبر بالرفع إلى أي قاض كان في ذلك البلد وغيره .
الثالثة : يقول : إلا رفعته إلى القاضي ، ولا يعين أحدا بلفظه ولا بنيته ، فهل يختص بقاضي البلد ؟ وجهان أحدهما : لا ، بل يبر بالرفع إلى أي قاض كان ، والصحيح اختصاصه بقاضي البلد حملا له على المعهود . وهل يتعين قاضي البلد في الحال ، لأنه المعهود ، أم يقوم مقامه من ينصب بعده ؟ وجهان ويقال : قولان أصحهما : الثاني ، حتى لو عزل الأول وولي غيره يبر بالرفع إلى الثاني دون الأول . فإذا قلنا : يتعين قاضي البلد في الحال ، فالحكم كما ذكرنا في الحالة الأولى ، وعلى هذا الوجه ، هل الاعتبار بحال اليمين ، أم بحال رؤية المنكر ؟ وجهان أصحهما : الأول . ولو كان في البلد قاضيان ، وجوزناه ، فيرفع إلى من شاء منهما . ولو رأى المنكر بين يدي القاضي المرفوع إليه ، قال في " الوسيط " : لا معنى للرفع إليه وهو يشاهده . وقال المتولي : إنما يحصل البر بأن يخبره
[ به ] . ولو رأى المنكر بعد اطلاع القاضي عليه ، فوجهان ، أحدهما أنه فات البر بغير اختياره ، فيكون على القولين ، وأصحهما وبه أجاب البغوي : أنه يبر بالإخبار وصورة الرفع في الأحوال الثلاث . ولو لم ير الحالف منكرا حتى مات ، فلا شيء عليه ، وفي حال تعيين القاضي . ولو لم ير منكرا حتى مات القاضي ، فكذلك لا شيء عليه . ولو رآه بعد عزله ، فإن نوى الرفع إليه في حال القضاء ، فلا شيء عليه . وإن قصد عينه ، فليخبره . ولو حلف : لا يرفع منكرا إلى القاضي فلان ، حنث بالرفع إليه وهو قاض . فلو رفع بعد العزل ، عاد التفصيل المذكور . وإن قال : إلى القاضي ، فهل يحمل [ ص: 74 ] على قاضي البلد حينئذ ، أم يحنث بالرفع إلى من ينصب بعد عزله ؟ فيه الخلاف السابق .