الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        يستحب القنوت في الوتر في النصف الأخير من شهر رمضان ، فإن أوتر بركعة ، قنت فيها ، وإن أوتر بأكثر ، قنت في الأخيرة . ولنا وجه : أنه يقنت في جميع رمضان ، ووجه : أنه يقنت في جميع السنة . قاله أربعة من أئمة أصحابنا : أبو عبد الله الزبيري ، وأبو الوليد النيسابوري ، وأبو الفضل بن عبدان ، وأبو منصور بن مهران . والصحيح : اختصاص الاستحباب بالنصف الثاني من رمضان ، وبه قال جمهور الأصحاب . وظاهر نص الشافعي رحمه الله ، كراهة القنوت في غير هذا النصف . ولو ترك القنوت في موضع نستحبه ، سجد للسهو ، ولو قنت في غير النصف الأخير من رمضان - وقلنا : لا يستحب - سجد للسهو . وحكى الروياني وجها : أنه يجوز القنوت في جميع السنة بلا كراهة ، ولا يسجد للسهو بتركه في غير النصف . قال : وهذا اختيار مشايخ طبرستان ، واستحسنه .

                                                                                                                                                                        وفي موضع القنوت في الوتر ، أوجه ، أصحها : بعد الركوع . ونص عليه في

                                                                                                                                                                        [ سنن ] ( حرملة ) . والثاني : قبل الركوع ، قاله ابن سريج .

                                                                                                                                                                        [ ص: 331 ] والثالث : يتخير بينهما . وإذا قدمه ، فالأصح أنه يقنت بلا تكبير . والثاني : يكبر بعد القراءة ، ثم يقنت . ولفظ القنوت : هو ما تقدم في قنوت الصبح . واستحب الأصحاب أن يضم إليه قنوت عمر رضي الله عنه : ( اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونستهديك ، ونؤمن بك ، ونتوكل عليك ، ونثني عليك الخير كله ، نشكرك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك . اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق . اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ، ويكذبون رسلك ، ويقاتلون أولياءك ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، وأصلح ذات بينهم ، وألف بين قلوبهم ، واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة ، وثبتهم على ملة رسولك ، وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه ، وانصرهم على عدوك وعدوهم ، إله الحق ، واجعلنا منهم ) .

                                                                                                                                                                        وهل الأفضل أن يقدم قنوت عمر على قنوت الصبح ، أم يؤخره ؟ وجهان . قال الروياني : يقدمه ، وعليه العمل ونقل القاضي أبو الطيب عن شيوخهم ، تأخيره .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح : تأخيره ، لأن قنوت الصبح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر . وينبغي أن يقول : ( اللهم عذب الكفرة ) للحاجة إلى التعميم في أزماننا . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        قال الروياني : قال ابن القاص : يزيد في القنوت ( ربنا لا تؤاخذنا ) إلى آخر السورة واستحسنه . وحكم الجهر بالقنوت ، ورفع اليدين وغيرهما ، على ما تقدم في الصبح .

                                                                                                                                                                        [ ص: 332 ] ويستحب لمن أوتر بثلاث ، أن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى : ( سبح ) . وفي الثانية : ( قل يا أيها الكافرون ) . وفي الثالثة : ( قل هو الله أحد ) . والمعوذتين .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية