الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الضرب الثالث : ما هو مال أو المقصود منه مال ، كالأعيان والديون ، والعقود المالية ، فيثبت برجلين وبرجل وامرأتين ، ولا يثبت بنسوة منفردات ، فمن هذا الضرب البيع والإقالة ، والإجارة ، والرد بالعيب ، والحوالة ، والضمان ، والصلح ، والقرض والشفعة والمسابقة ، وخيول المسابقة ، والغصب ، والإيلاء ، والوصية بمال ، والمهر في النكاح ، ووطء الشبهة ، والجنايات التي لا توجب إلا المال ، كقتل الخطأ وقتل الصبي والمجنون ، وقتل الحر العبد ، والمسلم الذمي ، والوالد الولد ، والسرقة التي لا قطع فيها ، وكذا حقوق الأموال ، والعقود كالخيار ، وشرط الرهن والأجل ( و ) في الأجل وجه ؛ لأنه ضرب سلطنة ، ومنه قبض الأموال ، منها نجوم الكتابة ، وفي النجم الأخير وجه ضعيف أنه يشترط له رجلان ، لتعلق العتق به ، ومنه الرهن والإبراء على الصحيح [ ص: 255 ] فيهما ، ومنه طاعة الزوجة لاستحقاق النفقة ، وقتل الكافر لاستحقاق السلب ، وإدمان الصيد لتملكه ، وعجز المكاتب عن النجوم ، ومنه الوقف ، وفي ثبوته برجل وامرأتين ما سنذكره - إن شاء الله تعالى - في الباب الرابع في ثبوته بشاهد ويمين .

                                                                                                                                                                        ولو مات سيد المدبر ، فادعى الوارث أنه كان رجع عن التدبير ، وقلنا : يجوز الرجوع ، ثبت برجل وامرأتين . ولو ادعى رق شخص ، أو ادعى جارية في يد غيره أنها أم ولد ، ثبت برجل وامرأتين ، ولو توافق الزوجان على الطلاق ، وقال الزوج : طلقتك على كذا ، وقالت : بل مجانا ، ثبتت دعواه برجل وامرأتين ، وكذا لو قال لعبده : أعتقتك بكذا ، فقال : مجانا . ولو توافقا على النكاح ، واختلفا في قدر المهر أو صفته ، أو على الخلع ، واختلفا في قدر العوض ، أو صفته ، ثبت برجل وامرأتين ، وكذا لو توافق السيد والعبد على الكتابة ، واختلفا في قدر النجوم أو صفتها ، والإقرار بكل ما يثبت برجلين يثبت برجل وامرأتين ، وفسخ العقود المالية يثبت برجل وامرأتين ، وفسخ الطلاق لا يثبت إلا برجلين .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        الخنثى المشكل كالمرأة في الشهادة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو شهد بالسرقة رجل وامرأتان ثبت المال ، وإن لم يثبت القطع ، وحكي قول أنه لا يثبت المال ، كما لو شهد بقتل العمد رجل وامرأتان ، فإنه لا يثبت الدية كما لا يثبت القصاص ، والمشهور الأول . ولو شهد رجل وامرأتان على صداق في نكاح ، ثبت الصداق ؛ لأنه المقصود . ولو علق طلاق امرأته ، أو عتق عبده على الولادة ، فشهد بالولادة أربع [ ص: 256 ] نسوة ثبتت الولادة دون الطلاق والعتق ، وكذا لو علقهما على الغصب والإتلاف ، فشهد بهما رجل وامرأتان ثبت الغصب والإتلاف ، ولا يقع الطلاق والعتق كما سبق في كتاب الصوم أنا إذا أثبتنا هلال رمضان بعدل لا يحكم بوقوع الطلاق والعتق المعلقين برمضان ، ولا بحلول الدين المؤجل به ، هذا إذا تقدم التعليق ، فلو ثبت الغصب أولا برجل وامرأتين ، وحكم الحاكم به ، ثم جرى التعليق ، فقال لها : إن كنت غصبت ، فأنت طالق ، وقد ثبت غصبها برجل وامرأتين وقع الطلاق ، هكذا قاله ابن سريج وجمهور الأصحاب ، وقياسه أن يكون الحكم هكذا في التعليق برمضان ، وحكى الإمام عن حكاية شيخه وجها أنه لا يقع .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية