الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا طرأ على المبيع قبل القبض عيب أو نقص ، نظر إن كان بآفة سماوية ، بأن عمي العبد ، أو شلت يده ، أو سقطت ، فللمشتري الخيار ، إن شاء فسخ ، وإلا أجاز بجميع الثمن ، ولا أرش له مع القدرة على الفسخ . وإن كان بجناية ، عادت الأقسام الثلاثة .

                                                                                                                                                                        أولها : أن يكون الجاني هو المشتري . فإذا قطع يد العبد مثلا قبل القبض ، فلا خيار له ; لأن النقص بفعله ، بل يمتنع بسببه الرد بجميع العيوب القديمة ، ويجعل قابضا لبعض المبيع ، حتى يستقر عليه ضمانه . فإن مات العبد في يد البائع بعد الاندمال ، لم يضمن المشتري اليد بأرشها المقدر ، ولا بما نقص من القيمة ، وإنما يضمنها بجزء من الثمن ، كما يضمن الجميع بكل الثمن . وفي معياره ، وجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما وبه قال ابن سريج وابن الحداد : يقوم العبد صحيحا ثم مقطوعا ، ويعرف التفاوت ، فيستقر عليه من الثمن بمثل تلك النسبة . .

                                                                                                                                                                        بيانه : قوم صحيحا بثلاثين ، ومقطوعا بخمسة عشر ، فعليه نصف الثمن . ولو قوم مقطوعا بعشرين ، كان عليه ثلث الثمن . والوجه الثاني ، قاله القاضي أبو الطيب : يستقر من الثمن بنسبة أرش اليد من القيمة ، وهو النصف . وعلى هذا ، لو قطع يديه واندملتا ، ثم مات العبد في يد البائع ، لزم المشتري تمام الثمن .

                                                                                                                                                                        هذا كله تفريع على الصحيح أن إتلاف المشتري قبض . فأما على الوجه . [ ص: 507 ] الضعيف : أنه ليس بقبض ، فلا يجعل قابضا لشيء من العبد ، وعليه ضمان اليد بأرشها المقدر ، وهو نصف القيمة كالأجنبي . وقياسه أن يكون له الخيار . القسم الثاني : أن يكون الجاني أجنبيا ، فيقطع يده قبل القبض ، فللمشتري الخيار ، إن شاء فسخ وتبع البائع الجاني ، وإن شاء أجاز البيع بجميع الثمن وغرم الجاني . قالالماوردي : وإنما يغرمه إذا قبض العبد . أما قبله فلا ، لجواز موت العبد في يد البائع وانفساخ البيع . ثم الغرامة الواجبة على الأجنبي ، هل هي نصف القيمة ، أو ما نقص من القيمة بالقطع ؟ قولان جاريان في جراح العبيد مطلقا . والمشهور الأول .

                                                                                                                                                                        القسم الثالث : أن يجني البائع ، فيقطع يد العبد قبل تسليمه ، فإن قلنا بالأظهر : إن جنايته كالآفة السماوية ، فللمشتري الخيار ، إن شاء فسخ واسترد الثمن ، وإن شاء أجاز بجميع الثمن . وإن قلنا : كجناية الأجنبي ، فله الخيار أيضا ، إن فسخ فذاك ، وإن أجاز رجع بالأرش على البائع . وفي قدره القولان المذكوران في الأجنبي .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية