مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن لم يصل حتى تغيب كاسفة أو منجلية أو خسف القمر فلم يصل حتى تجلى أو تطلع الشمس لم يصل للخسوف فإن غاب خاسفا صلى للخسوف بعد الصبح ما لم تطلع الشمس ويخفف للفراغ قبل طلوع الشمس فإن طلعت أو أحرم فتجلت أتموها " .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا لم يصل لها لفقد السبب الموجب لها بذهاب زمان الشمس وسلطانها ، فإن لم يصل لخسوف الشمس حتى غربت سقطت الصلاة لها لفقد الصفة الموجبة لها ، فإن لم يذهب زمانها لكن لم يصل [ ص: 511 ] لها حتى تجلت صلى لما بقي ، لوجود السبب الموجب لها ، وأما تجلى عن بعضها وبقي بعضها فله ثلاثة أحوال : كسوف القمر إذا لم يصل له حتى غاب كاسفا
أحدهما : أن يغيب كاسفا قبل طلوع الفجر ، فهذا يصلي لبقاء سلطان الليل ، لأن الاعتبار ببقاء الوقت لا ببقاء الطلوع ، ألا ترى أنه لو لم يصل له لفوات وقته ، وإن كان الخسوف موجودا . بقي خاسفا حتى طلعت الشمس
والثاني : إنه لا يصلي له حتى تطلع الشمس ، فقد سقطت الصلاة لفوات الوقت بذهاب نور القمر ، سواء كان القمر طالعا أو غائبا .
والثالث : أن لا يصلي له حتى يغيب كاسفا بعد الفجر وقبل طلوع الشمس ففيه قولان :
أحدهما : وبه قال في القديم لا يصلي له ، لأن القمر آية الليل كما أن الشمس آية النهار ، قال الله تعالى : وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة [ الإسراء : 12 ] . فلما لم يصل لخسوف الشمس إذا تقضى النهار ، لم يصل لخسوف القمر إذا تقضى الليل .
والقول الثاني : وهو أصح أنه يصلي له ما لم تطلع الشمس ، لبقاء سلطانه والانتفاع بضوئه ، وخالف الشمس الذي يذهب ضوءها بدخول الليل ، فلو لم يغب القمر حتى طلع الفجر وهو على كسوفه ففي الصلاة له قولان أيضا ، كما لو غاب خاسفا ، فلو فإنه يتمم الصلاة ولا تبطل بفوات الوقت . أحرم بصلاة الخسوف فتجلى قبل إتمام الصلاة ، أو طلعت الشمس