الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الراكب فضربان

                                                                                                                                            راكب سفينة

                                                                                                                                            وراكب بهيمة

                                                                                                                                            فأما راكب السفينة فلا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون مسيرا لها كالملاح ، أو يكون جالسا فيها كالركاب ، فإن كان من ركابها جالسا لم يسقط عنه فرض التوجه ، ولم يجز أن يتنفل إلا إلى القبلة ، لأنه يقدر على استقبالها ولا ينقطع عن سيره ، وإن كان ملاحا مسيرا للسفينة سقط عنه فرض التوجه في نافلته ، وجاز أن يصلي إلى جهة سيره ، لأنه لما سقط فرض التوجه عن الماشي ، لأن لا ينقطع عن السير وحده ، فالملاح أولى ، لأن لا ينقطع بالتوجه عن السير هو وغيره

                                                                                                                                            فأما راكب البهيمة فضربان : أحدهما : أنه يحتاج إلى حفظ نفسه في ركوبه كراكب السرج ، أو القتب لا يستقر عليه إلا أن يحفظ نفسه بفخذيه وساقيه فيجوز لمثل هذا أن يتنفل إلى جهة سيره راكبا ، ويكون [ ص: 75 ] فرض التوجه عنه ساقطا ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا كان يركب ، وعلى مثل هذه الحال يتنفل ، وسواء كان راكبا فرسا ، أو بعيرا ، أو حمارا لاستواء جميعها في المعنى ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى على راحلته تارة ، وعلى حماره أخرى

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن لا يحتاج إلى حفظ نفسه في ركوبه بنفسه وإنما هو محفوظ بآلة " الهودج " و " المحمل " و " العمارية " ففيه وجهان : أحدهما : أن فرض التوجه لازم له ، لأنه يقدر على استقبال القبلة وإن صار البعير إلى غيرها فصار كراكب السفينة

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن فرض التوجه ساقط عنه ، ويجوز أن يتنفل إلى جهة سيره لأنه إن قدر على العدول عن جهة سيره ، مستديرا ببدنه إلى القبلة ففيه إضرار بمركوبه وإدخال مشقة عليه فصار كراكب السرج

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية