الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن صلت إلى جنبه امرأة صلاة هو فيها لم تفسد عليه "

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال من السنة للنساء أن يقفن خلف صفوف الرجال ، فإن تقدمن على الرجال كانت صلاة جميعهم جائزة

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن صلى الرجال والنساء خلف إمام اعتقد إمامته جميعهم ، وتقدمت امرأة فوقفت أمام الرجال كانت صلاتها جائزة ، وبطلت صلاة من على يمينها دون من يليه ، ومن على يسارها دون من يليه ، ومن خلفها دون من يليه ، وجازت صلاة من تقدمها ، وإن صلوا فرادى ، أو صلوا جماعة ونوى الرجال غير صلاة النساء ، أو لم يعتقد الإمام إمامة النساء ، فصلاة جميعهم جائزة

                                                                                                                                            واستدل في الجملة بقوله صلى الله عليه وسلم : أخروهن من حيث أخرهن الله سبحانه فأمر الرجل بتأخير المرأة عن نفسه ، فإذا لم يؤخرها فعل منهيا فاقتضى بطلان صلاته ، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يقطع صلاة الرجل المرأة والحمار والكلب الأسود وفي بعض الروايات ، واليهودي ، والمجوسي ، قال : ولأنه ممنوع من هذه الصلاة فوجب أن لا تصح صلاته

                                                                                                                                            أصله إذا صلى عريانا ، وهذا خطأ

                                                                                                                                            ودليلنا رواية أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يقطع صلاة المؤمن شيء وادرؤوا ما استطعتم

                                                                                                                                            [ ص: 200 ] وروي عن ابن عباس في قوله تعالى : ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين [ الحجر : 24 ] أنها نزلت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانت تصلي معهم امرأة جميلة فكان بعضهم يتقدم لكي لا يراها ويتأخر عنها بعضهم ليراها ، فلم يبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة من تأخر ولا أمره بالإعادة ، ولأنها صلاة تصح للرجل إذا تقدم فيها على النساء فجاز أن تصح إذا وقف فيها مع النساء أصله صلاة الجنازة

                                                                                                                                            فأما قوله صلى الله عليه وسلم : أخروهن من حيث أخرهن الله فالأمر بالتأخير والنهي عن التقدم لا تعلق له بصحة الصلاة وفسادها على أنه المراد بالإقامة

                                                                                                                                            وأما قوله صلى الله عليه وسلم : يقطع صلاة الرجل المرأة

                                                                                                                                            فالمراد به الاجتياز وهو منسوخ بإجماع

                                                                                                                                            وأما قولهم إنه ممنوع من الصلاة لمعنى يختص بها . فلا يصح ، لأنه لم يمنع لمعنى يختص بها وإنما هو ممنوع لمعنى غيره

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية