992 - وللرواة طبقات تعرف بالسن والأخذ وكم مصنف 993 - يغلط فيها وابن سعد صنفا
فيها ولكن كم روى عن ضعفا
( وللرواة طبقات ) أي : مراتب وأصناف مختلفة ، جمع طبقة ; وهي في اللغة : القوم المتشابهون ، ( وتعرف ) في الاصطلاح ، ( بالسن ) أي : باشتراك المتعاصرين في السن ولو تقريبا ( و ) بـ ( الأخذ ) عن المشايخ ، وربما اكتفوا بالاشتراك في التلاقي ، وهو غالبا ملازم للاشتراك في السن .
قال : والباحث الناظر في هذا الفن يحتاج معرفة المواليد والوفيات ، ومن أخذوا عنه ومن أخذ عنهم ونحو ذلك ، ورب شخصين يكونان من طبقة واحدة لتشابههما بالنسبة إلى جهة ، ومن طبقتين بالنسبة إلى جهة أخرى لا يتشابهان فيها ، ابن الصلاح رضي الله عنه وغيره من أصاغر الصحابة مع العشرة رضي الله عنهم ، وغيرهم من أكابر الصحابة من طبقة واحدة إذا نظرنا إلى تشابهم في أصل صفة الصحبة ، فعلى هذا فأنس بن مالك الأنصاري ، وهلم جرا ، يعني كما صنع فالصحابة بأسرهم طبقة أولى ، والتابعون طبقة ثانية ، وأتباع التابعين طبقة ثالثة وغيره ، وإذا نظرنا إلى تفاوت الصحابة رضي الله عنهم في سوابقهم ومراتبهم كانوا على ما سبق ذكره ، يعني في الصحابة بضع عشرة طبقة ، ولا يكون عند هذا ابن حبان أنس وغيره من أصاغر الصحابة من طبقة العشرة من [ ص: 390 ] الصحابة ، بل دونهم بطبقات .
يعني كما فعل ابن سعد في الصحابة ومن بعدهم حيث عدد الطبقات في كل منهم ، قال شيخنا : ولكل منهما وجه ، ومنهم من يجعل - كما قال ابن كثير - كل طبقة أربعين سنة ، وقد يستشهد له بما يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ، فطبقتي وطبقة أصحاب أهل العلم والإيمان ، والذي يلونهم إلى الثمانين أهل البر والتقوى ، والذين يلونهم إلى العشرين ومائة أهل التراحم والتواصل ، والذين يلونهم إلى الستين - يعني ومائة - أهل التقاطع والتدابر ، والذين يلونهم إلى المائتين أهل الهرج والحروب إن طبقات أمتي خمس طبقات ، كل طبقة منها أربعون سنة ) . رواه يزيد الرقاشي وأبو معن ، وكلاهما في ، ابن ماجه وعباد بن عبد الصمد أبو معمر ، كما في نسخة ، ومن طريقه كامل بن طلحة الديلمي في مسنده ، ثلاثتهم - وهم ضعفاء - عن أنس ، وكذا له شواهد ، كلها ضعاف ، منها أن رواه عن علي بن حجر إبراهيم بن مطهر الفهري وليس بعمدة ، عن عن أبيه ، ومنها ما رواه أبي المليح بن أسامة الهذلي ، يحيى بن عنبسة القرشي - وهو تالف - عن عن الثوري ، عن محمد بن المنكدر ، رضي الله تعالى عنهما نحوه ، وإنما أوردته لكونه في إحدى السنن ، وكذا يستشهد لهذا النوع في الجملة بقوله صلى الله عليه وسلم : ( ابن عباس خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) . فذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة .
( وكم ) مرة أو وقت ( مصنف ) من حفاظ الأئمة ( يغلط ) أو أو لسبب أن الشايع روايته عن أهل طبقة ربما يروي عن أقدم منها ، كما تقدم في آخر التابعين ، [ ص: 391 ] أو لعدم تحقق طبقته فيذكره تخمينا على وجه التقريب ، كما اتفق للمقيدين في إدخال من ليس من الشافعية مثلا كم يغلط مصنف ( فيها ) ; لسبب الاشتباه في المتفقين حيث يظن أحدهما الآخر ، كابن هبيرة الحنبلي وأبي بكر الطرطوسي المالكي ، وكذا من الظن الغالب كونه مجتهدا فيهم ، وفي إدخال مصنف طبقات الحنفية كالبخاري فيهم ; ولذا قال الفخر الرازي الشافعي : إنه افتضح بسبب الجهل بها غير واحد من المصنفين . ابن الصلاح
وفيها تصانيف كثيرة لأبي عبيد القاسم بن سلام وعلي بن المديني وإبراهيم بن المنذر الحزامي وخليفة بن خياط ومسلم وأبي الحسن محمود بن إبراهيم بن سميع الدمشقي وأبي بكر أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي وأبي عروبة الحراني وأبي الشيخ بن حيان وأبي عبد الله بن منده وأبي بكر بن مردويه وأبي مسعود أحمد بن الفرات الرازي وأبي الفضل الفلكي وأبي عبد الله ، أحمد بن إشكاب وأبي عبد الله محمد بن جعفر بن محمد بن غالب الوراق ، في آخرين ، منهم من طول ، ومنهم من اختصر غير متقيدين أو متقيدين بالفقهاء ; إما مطلقا كالشيخ وأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم المستملي البلخي ، أو مقيدا بمذهب كـ ( المدارك ) أبي إسحاق الشيرازي ، والحنابلة للقاضي للقاضي عياض أبي يعلى ثم ابن رجب ، والشافعية لخلق ، أو بالحفاظ أو بالقراء كالذهبي في كل منهما ، ثم للداني ابن الجزري في القراء أيضا أن بالنحاة كالقفطي ، أو بالبلاد كطبقات وابن مكتوم المكيين المتأخرين للقاضي بن مفرج ، أو النيسابوريين للحاكم ، أو بغير ذلك ، كله مما بسطته في غير هذا المحل .
[ ص: 392 ] ( وابن سعد ) بن منيع ، وهو أبو عبد الله محمد الهاشمي ، مولاهم البصري الحافظ نزيل بغداد وكاتب أيضا ( صنفا فيها ) أي : في الطبقات ثلاثة تصانيف ، والكبير منها كتاب حفيل جليل كثير الفائدة ، أثنى عليه وعلى مصنفه محمد بن عمر بن واقد الأسلمي الواقدي الخطيب فقال : كان من أهل العلم والفضل ، صنف كتابا كبيرا في طبقات الصحابة والتابعين إلى وقته ، فأجاد فيه وأحسن . انتهى .
وهو في نفسه ثقة ( ولكن ) ، منهم شيخه كم روى ) في كتابه المذكور ( عن ) أناس ( ضعفا مقتصرا كثيرا على اسمه واسم أبيه من غير تمييز بنسبته ولا غيرها ، ومنهم الواقدي هشام بن محمد بن السائب ، فأكثر عنهما ، ومنهم نصر بن باب أبو سهل الخراساني مع قوله فيه : إنه نزل بغداد فسمعوا منه ورووا عنه ، ثم حدث عن إبراهيم الصائغ فاتهموه ، فتركوا حديثه ، مثل هؤلاء ، لا سيما مع عدم تمييزهم ومع الاستغناء عنهم بمن عنده من الثقات الأئمة ، ولا شك أن من شيوخ والمرء قد يضعف بالرواية عن الضعفاء ابن سعد [ هشيما والوليد بن مسلم وابن عيينة وابن علية ، وابن أبي فديك وأبا ضمرة أنس بن عياض ويزيد بن هارون ومعن بن عيسى ، وأبا الوليد الطيالسي ووكيعا وغيرهم ؟ ؟ ؟ ] ، وكتب عن أقرانه ومن هو أصغر منه ، على أن وأبا أحمد الزبيري أحمد بن كامل قال : سمعت يقول : كنت عند الحسين بن فهم ، فمر بنا مصعب الزبيري فقال له ابن معين مصعب : يا أبا زكريا ، حدثنا بكذا وكذا . فقال محمد بن سعد الكاتب يحيى : كذب ، ولكن قد قال الخطيب : أظن الحديث الذي ذكره مصعب عنه من المناكير التي يرويها لابن معين ، وإلا فقد قال الواقدي : سألت أبي عنه . فقال : يصدق ، رأيته جاء إلى ابن أبي حاتم القواريري وسأله عن أحاديث فحدثه . قال الخطيب : وهو عندنا من أهل العدالة ، وحديثه يدل على صدقه ; فإنه يتحرى في كثير من رواياته . وقال ابن فهم : كان كثير العلم والكتب والحديث والغريب والفقه . وقال الذهبي : ظهرت فضائله ومعرفته الواسعة ، وقد أخرج له أبو داود في سننه عن واحد عنه حكاية ، [ ص: 393 ] مات ببغداد في جمادى الآخرة سنة ثلاثين ومائتين ، وهو ابن اثنتين وستين سنة .
تنبيه : كذا وقع في النسخ المتداولة من النظم : ( وكم مصنف ) بالرفع ، فخرجناه على إحدى الروايات في قوله :
كم عمة لك يا جرير وخالة فدعاء قد حلبت علي عشاري
وللرواة طبقات فاعرف بالسن والأخذ وكم مصنف