83 - ( فصل )
الطريق الثامن عشر . الحكم بالإقرار
قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط } ، وفي الآية الأخرى : { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم } ولا خلاف أنه لا يعتبر في صحة الإقرار أن يكون بمجلس الحاكم ، إلا شيئا حكاه محمد بن الحسن الجوزي في كتاب النوادر " له فقال : قال : لا أجيز إقرارا في حق أنكره الخصم عندي إلا إقرارا بحضرتي ، - ولعله ذهب في ذلك إلى أن الإقرار لما كان شهادة المرء على نفسه اعتبر له مجلس الحكم ، كالحكم بالبينة ، والفرق ظاهر لا خفاء به . ابن أبي ليلى
84 - ( فصل )
ويحكم بإقرار الخصم في مجلسه إذا سمعه معه شاهدان بغير خلاف ، فإن لم يسمعه معه غيره ، فنص على أنه يحكم به ، وإن لم نقل يحكم بعلمه ، فإن مجلس الحاكم مجلس فصل الخصومات ، وقد جلس لذلك ، وقد أقر الخصم في مجلسه ، فوجب عليه الحكم به ، كما لو قامت بذلك البينة عنده ، وليس عنده أحد غيره يسمع معه شهادتهما ، فإن هذا محل وفاق . أحمد
وقال : لا يحكم بالإقرار في مجلسه حتى يسمعه معه شاهدان ; دفعا للتهمة عنه ، إلا أن [ ص: 163 ] يقول ، يقضي بعلمه ، فإنه يجوز له الحكم حينئذ . والتحقيق أن هذا يشبه مسألة الحكم بعلمه من وجه ، ويفارقها من وجه . فشبه ذلك بمسألة حكمه بعلمه ; أنه ليس هناك بينة ، وهو في موضع تهمة . ووجه الفرق بينهما ; أن الإقرار بينة قامت في مجلسه ; فإن البينة : اسم لما يبين به الحق ، فعلم الحق في مجلس القضاء الذي انتصب فيه للحكم به ، وليس من شرط صحة الحكم أن يكون بمحضر الشاهدين ، فكذلك لا يعتبر في طريقه أن يكون بمحضر شاهدين ، وليس هذا بمنزلة ما رآه أو سمعه في غير مجلسه . القاضي