وقد بينا في موضع آخر أن وأن كل ما في القرآن والحديث من لفظ يقال فيه: إنه يحتاج إلى التأويل الاصطلاحي الخاص الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره، فلا بد أن يكون الرسول قد بين مراده بذلك اللفظ بخطاب آخر، لا يجوز عليه أن يتكلم بالكلام الذي مفهومه ومدلوله باطل، ويسكت عن بيان المراد الحق، ولا يجوز أن يريد من الخلق أن [ ص: 23 ] يفهموا من كلامه ما لم يبينه لهم ويدلهم عليه، لإمكان معرفة ذلك بعقولهم، وأن هذا قدح في الرسول الذي بلغ البلاغ المبين الذي هدى الله به العباد وأخرجهم به من الظلمات إلى النور، وفرق الله به بين الحق والباطل، وبين الهدي والضلال، وبين الرشاد والغي، وبين أولياء الله وأعدائه، وبين ما يستحقه الرب من الأسماء والصفات وما ينزه عنه من ذلك، حتى أوضح الله به السبيل، وأنار به الدليل، وهدى به الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. الرسول بلغ البلاغ المبين، وبين مراده،