[ ص: 77 ] وأما المختلفون في الكتاب المخالفون له المتفقون على مفارقته، فتجعل كل طائفة ما أصلته من أصول دينها الذي ابتدعته هو الإمام الذي يجب اتباعه، وتجعل ما خالف ذلك من نصوص الكتاب والسنة من المجملات المتشابهات، التي لا يجوز اتباعها، بل يتعين حملها على ما وافق أصلهم الذي ابتدعوه، أو الإعراض عنها وترك التدبر لها.
وهذان الصنفان يشبهان ما ذكره الله في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=75أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=76وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=77أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون [البقرة: 75-79] .
فإن
nindex.php?page=treesubj&link=20360الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة على ما أصله هو من البدع الباطلة، وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، وهو متناول لمن
nindex.php?page=treesubj&link=18648ترك تدبر القرآن، ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه، ومتناول لمن كتب كتابا بيده مخالفا لكتاب الله لينال به دنيا، وقال: إنه من عند الله، مثل أن يقول: هذا هو الشرع والدين، وهذا معنى الكتاب والسنة، وهذا
[ ص: 78 ] قول السلف والأئمة، وهذا هو أصول الدين الذي يجب اعتقاده على الأعيان أو الكفاية، ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله، وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة،
كالرافضة والجهمية ونحوهم من أهل الأهواء والكلام، وفي أهل الأهواء تفصيلا، مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء مع شعبة من حال أهل الأهواء.
وهذه الأمور المذكورة في الجواب مبسوطة في موضع آخر، والله أعلم
[ ص: 77 ] وَأَمَّا الْمُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ الْمُخَالِفُونَ لَهُ الْمُتَّفِقُونَ عَلَى مُفَارَقَتِهِ، فَتَجْعَلُ كُلُّ طَائِفَةٍ مَا أَصَّلَتْهُ مِنْ أُصُولِ دِينِهَا الَّذِي ابْتَدَعَتْهُ هُوَ الْإِمَامَ الَّذِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَتَجْعَلُ مَا خَالَفَ ذَلِكَ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنَ الْمُجْمَلَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ، الَّتِي لَا يَجُوزُ اتِّبَاعُهَا، بَلْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهَا عَلَى مَا وَافَقَ أَصْلَهُمُ الَّذِي ابْتَدَعُوهُ، أَوِ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا وَتَرْكُ التَّدَبُّرِ لَهَا.
وَهَذَانِ الصِّنْفَانِ يُشْبِهَانِ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=75أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=76وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=77أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [الْبَقَرَةِ: 75-79] .
فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20360اللَّهَ ذَمَّ الَّذِينَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِمَنْ حَمَلَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ عَلَى مَا أَصَّلَهُ هُوَ مِنَ الْبِدَعِ الْبَاطِلَةِ، وَذَمَّ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ، وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=18648تَرَكَ تَدَبُّرَ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَعْلَمْ إِلَّا مُجَرَّدَ تِلَاوَةِ حُرُوفِهِ، وَمُتَنَاوِلٌ لِمَنْ كَتَبَ كِتَابًا بِيَدِهِ مُخَالِفًا لِكِتَابِ اللَّهِ لِيَنَالَ بِهِ دُنْيَا، وَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: هَذَا هُوَ الشَّرْعُ وَالدِّينُ، وَهَذَا مَعْنَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهَذَا
[ ص: 78 ] قَوْلُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ، وَهَذَا هُوَ أُصُولُ الدِّينِ الَّذِي يَجِبُ اعْتِقَادُهُ عَلَى الْأَعْيَانِ أَوِ الْكِفَايَةِ، وَمُتَنَاوِلٌ لِمَنْ كَتَمَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِئَلَّا يَحْتَجُّ بِهِ مُخَالِفُهُ فِي الْحَقِّ الَّذِي يَقُولُهُ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ كَثِيرَةٌ جِدًّا فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ جُمْلَةً،
كَالرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْكَلَامِ، وَفِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ تَفْصِيلًا، مِثْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْفُقَهَاءِ مَعَ شُعْبَةٍ مِنْ حَالِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ.
وَهَذِهِ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْجَوَابِ مَبْسُوطَةٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ