قلت: الإلزام الذي ألزمهم إياه الرازي صحيح متوجه، وهو الجواب الثاني الذي أجابهم به في كتاب «التهافت». الغزالي
وأما اعتراض فجوابه: أنه إذا كان التقدير أن العلة التامة مستلزمة لمعلولها، ومعلولها لازم لعلته: امتنع أن يحدث عنها شيء، فما حدث لا بد له من [ ص: 335 ] سبب تام، وحدوث السبب التام يستلزم حدوث سبب تام له، فيلزم وجود أسباب ومسببات لا نهاية لها دفعة، وهو محال. الأرموي
وأما قوله: إن عنيت بالسبب السبب التام فحدوثه لا يدل على حدوث السبب الفاعل، بل إما على حدوثه أو حدوث بعض شرائطه.
فيقال له: هذا التقسيم صحيح إذا نظر إلى الحادث من حيث الجملة، وأما إذا نظر إلى حادث يمتنع حدوثه عن العلة التامة، فلا بد له من حدوث سبب تام.
وإذا قال القائل: الفاعل القديم أحدثه لما حدث شرط حدوثه.
قيل: الكلام في حدوث ذلك الشرط كالكلام في حدوث المشروط، فلا بد من حدوث أمر لا يكون حادثا عن العلة التامة؛ لأن العلة التامة القديمة يمتنع أن يحدث عنها شيء، فإنه يجب مقارنة معلولها لها في الأزل، والحادث ليس بمقارن لها في الأزل.
وإذا قيل: حدث عنها بحدوث الاستعداد والشرائط.
قيل: الكلام في كل ما يقدر حدوثه عن علة تامة مستلزمة لمعلولها، فإن حدوث حادث عن علة تامة مستلزمة لمعلولها محال.
وهذا الإلزام صحيح لا محيد للفلاسفة عنه.
وإذا قالوا: حدث عنها أمور متسلسلة واحد بعد واحد.
قيل لهم: الأمور المتسلسلة يمتنع أن تكون صادرة عن علة تامة؛ لأن العلة التامة القديمة تستلزم معلولها فتكون معها في الأزل، والحوادث المتسلسلة ليس معها في الأزل.