ونحن نذكر كلامه في ذلك، وذلك أنه لما تكلم على الطريق العقلية الشرعية في إثبات الصانع، تكلم أيضا على إثبات التوحيد والصفات الثبوتية والسلبية والأفعال.
فقال: القول في الوحدانية: فإن قيل: إذا كانت هذه الطريقة هي الطريقة الشرعية في معرفة وجود الصانع سبحانه، فما طريقة معرفة وحدانيته الشرعية أيضا، وهو معرفة أنه لا إله إلا هو، فإن هذا النفي هو معنى زائد على الإيجاب الذي تضمنته هذه الكلمة، والإيجاب قد ثبت من القول المتقدم، فبماذا يصح النفي؟
قلنا: أما
nindex.php?page=treesubj&link=29705_29614_29613نفي الألوهية عما سواه، فإن طريق الشرع في ذلك هي الطريق التي نص الله عليها في كتابه. [ ص: 337 ]
وذلك في ثلاث آيات: إحداها قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [سورة الأنبياء: 22].
والثانية قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=91ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون [سورة المؤمنون: 91].
والثالثة قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=42قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا [سورة الإسراء: 42].
فأما الآية الأولى فدلالتها مغروزة في الفطر بالطبع، وذلك أنه من المعلوم بنفسه أنه إذا كان ملكان كل واحد منهما فعله فعل صاحبه، أنه ليس يمكن أن يكون عن تدبيرهما مدينة واحدة؛ لأنه ليس يكون عن فاعلين من نوع واحد فعل واحد، فيجب ضرورة إن فعلا معا أن تفسد المدينة الواحدة، إلا أن يكون أحدهما يفعل ويبقى الآخر عطلا، وذلك منتف في صفة الإلهية، فإنه متى اجتمع فعلان من نوع واحد على محل واحد، فسد المحل ضرورة، أو تمانع الفعل، فإن الفعل الواحد لا يصدر إلا عن واحد.
فهذا
nindex.php?page=treesubj&link=28992معنى قوله سبحانه: nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [سورة الأنبياء: 22].
وَنَحْنُ نَذْكُرُ كَلَامَهُ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَقْلِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ، تَكَلَّمَ أَيْضًا عَلَى إِثْبَاتِ التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ وَالسَّلْبِيَّةِ وَالْأَفْعَالِ.
فَقَالَ: الْقَوْلُ فِي الْوَحْدَانِيَّةِ: فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الطَّرِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِي مَعْرِفَةِ وُجُودِ الصَّانِعِ سُبْحَانَهُ، فَمَا طَرِيقَةُ مَعْرِفَةِ وَحْدَانِيَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ أَيْضًا، وَهُوَ مَعْرِفَةُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَإِنَّ هَذَا النَّفْيَ هُوَ مَعْنًى زَائِدٌ عَلَى الْإِيجَابِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ، وَالْإِيجَابُ قَدْ ثَبَتَ مِنَ الْقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِ، فَبِمَاذَا يَصِحُّ النَّفْيُ؟
قُلْنَا: أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29705_29614_29613نَفْيُ الْأُلُوهِيَّةِ عَمَّا سِوَاهُ، فَإِنَّ طَرِيقَ الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ هِيَ الطَّرِيقُ الَّتِي نَصَّ اللَّهُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِهِ. [ ص: 337 ]
وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ: إِحْدَاهَا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [سُورَةَ الْأَنْبِيَاءِ: 22].
وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=91مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهُ عَمَّا يَصِفُونَ [سُورَةَ الْمُؤْمِنُونَ: 91].
وَالثَّالِثَةُ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=42قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا [سُورَةَ الْإِسْرَاءِ: 42].
فَأَمَّا الْآيَةُ الْأُولَى فَدَلَالَتُهَا مَغْرُوزَةٌ فِي الْفِطَرِ بِالطَّبْعِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَلِكَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِعْلُهُ فِعْلُ صَاحِبِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَنْ تَدْبِيرِهِمَا مَدِينَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَكُونُ عَنْ فَاعِلَيْنِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ فِعْلٌ وَاحِدٌ، فَيَجِبُ ضَرُورَةً إِنْ فَعَلَا مَعًا أَنْ تَفْسُدَ الْمَدِينَةُ الْوَاحِدَةُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا يَفْعَلُ وَيَبْقَى الْآخَرُ عَطِلًا، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي صِفَةِ الْإِلَهِيَّةِ، فَإِنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ فِعْلَانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَسَدُّ الْمَحَلِّ ضَرُورَةٌ، أَوْ تَمَانَعَ الْفِعْلُ، فَإِنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ لَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ.
فَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28992مَعْنَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [سُورَةَ الْأَنْبِيَاءِ: 22].