الوجه التاسع: أن يقال: الفلك إما أن يكون فاعلا بالإرادة، وإما ألا يكون. فإن كان الأول، وهو قولكم: ووجود فعله مع وجوده، لزم أن يكون الفعل الإرادي يجوز مساوقته للفاعل، وألا يتأخر عنه. وهذا يبطل قولكم: (إنه يجب من وجوب الفلك مع العلة الأولى أن يكون لا صنع إرادي للعلة الأولى في وجود العالم) فإنكم حينئذ أثبتم فاعلا فعلا إراديا، مع كون فعله موجودا معه.
وأما قولكم: (كما لا صنع لها في وجود جوهرها) فهذا تمثيل ساقط إلى غاية، فإن الواجب بنفسه لا يكون فاعلا لنفسه، وأما معلوله فلا بد أن يكون فاعلا له. فكيف يقال: لا يفعل معلوله، كما لا يفعل نفسه؟
وإن لم يكن الفلك فاعلا بالإرادة، بطل كونه مشتاقا عاشقا، وبطل ثبوت المبدأ الأول، وحينئذ فيبطل ما بنيتم عليه ثبوت الأول وقدم العالم.