[ ص: 221 ] أو ذوقيات ووجديات وحقائق وغير ذلك، لا بد أن تشمل على لبس حق بباطل وكتمان حق، وهذا أمر موجود يعرفه من تأمله، فلا تجد قط مبتدعا إلا وهو يحب كتمان النصوص التي تخالفه، ويبغضها، ويبغض إظهارها وروايتها والتحدث بها، ويبغض من يفعل ذلك، كما قال بعض السلف: ما ابتدع أحد بدعة إلا نزعت حلاوة الحديث من قلبه. والبدع التي يعارض بها الكتاب والسنة التي يسميها أهلها كلاميات وعقليات وفلسفيات،
ثم إن قوله الذي يعارض به النصوص لا بد له أن يلبس فيه حقا بباطل، بسبب ما يقوله من الألفاظ المجملة المتشابهة.
ولهذا في أول ما كتبه في الرد على الزنادقة الإمام أحمد والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن، وتأولته على غير تأويله مما كتبه في حبسه ـ وقد ذكره قال الخلال في كتاب «السنة» والقاضي أبو يعلى، وأبو الفضل التميمي، وغير واحد من أصحاب وأبو الوفاء بن عقيل، ولم ينفه أحد منهم عنه ـ قال في أوله: الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من تائه ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم ! ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على [ ص: 222 ] مخالفة الكتاب يقولون على الله، وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين. أحمد،