قال (وربما سلك الشهرستاني: أبو الحسن طريقا في حدوث الإنسان بكونه من نطفة أمشاج، وتقلبه في أطوار الخلقة، وأكوار الفطرة، وليس يشك في أنه ما غير ذاته ولا بدل [ ص: 228 ] صفاته: [لا] الأبوان ولا الطبيعة، فتعين احتياجه إلى صانع مدبر قال: وما ثبت من الأحكام لشخص واحد، أو لجسم واحد، ثبت في الكل لاشتراك الكل في الجسمية) .
قلت: هذه الطريقة هي المتقدمة التي ذكرها في رسالته إلى أهل الثغر، وهي مبنية على أنه أثبت حدوث الإنسان بما فيه من اختلاف الصور والهيئات، ولهذا قال: إنه سلك طريقا في الأشعري فجعل حدوثه هو المدلول، وجعل الدليل اختلاف الصور عليه. وقد جعل الصورة الحادثة دليلا على حدوث المتصور، ولا بد في هذه الطريقة من بيان امتناع حوادث لا أول لها، فهذه الطريقة من جنس طريقة الأعراض، لكنها أخص دليلا ومدلولا، فإن الهيئات أخص، ومدلولها إنما هو حدوث ما حدثت هيئته. ودليل أولئك يعم، ولكن إثبات حدوث الإنسان عدل عن طريقة غامضة إلى طريقة واضحة، وهذه الطريقة هي التي يسميها الأشعري الرازي وأمثاله: الاستدلال بحدوث الصفات والأعراض القائمة بالأجسام فإنهم يقولون في [ ص: 229 ] الاستدلال على وجود الصانع ما قاله الرازي في (نهاية العقول) [وغيره].