( قال ) رحمه الله تعالى : وإذا الشافعي فإن كانت المدة ثلاثا ، أو أقل فالبيع جائز وإن كانت أكثر من ذلك بطرفة عين فأكثر فالبيع منتقض فإن قال قائل وكيف جاز الخيار ثلاثا ولم يجز أكثر من ثلاث ؟ قيل لولا الخبر عن [ ص: 106 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاز أن يكون الخيار بعد تفرق المتبايعين ساعة ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل لهما الخيار إلى أن يتفرقا ، وذلك أن رجلا لا يجوز أن يدفع ماله إلى البائع ويدفع البائع جاريته للمشتري فلا يكون للبائع الانتفاع بثمن سلعته ولا للمشتري أن ينتفع بجاريته ، ولو زعمنا أن لهما أن ينتفعا زعمنا أن عليهما إن شاء أحدهما أن يرد رد فإذا كان من أصل مذهبنا أنه لا يجوز أن أبيع الجارية على أن لا يبيعها صاحبها لأني إذا شرطت عليه هذا فقد نقصته من الملك شيئا ولا يصلح أن أملكه بعوض آخذه منه إلا ما ملكه عليه تام فقد نقصته بشرط الخيار كل الملك حتى حظرته عليه وأصل البيع على الخيار لولا الخبر كان ينبغي أن يكون فاسدا ; لأنا نفسد البيع بأقل منه مما ذكرت فلما شرط رسول الله صلى الله عليه وسلم { اشترى الرجل العبد ، أو أي سلعة ما اشترى على أن البائع بالخيار ، أو المشتري ، أو هما معا إلى مدة يصفانها } وروي عنه عليه الصلاة والسلام { في المصراة خيار ثلاث بعد البيع أنه جعل لحبان بن منقذ خيار ثلاث فيما ابتاع } انتهينا إلى ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيار ولم نجاوزه إذا لم يجاوزه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك أن أمره به يشبه أن يكون كالحد لغايته من قبل أن المصراة قد تعرف تصريتها بعد أول حلبة في يوم وليلة وفي يومين حتى لا يشك فيها فلو كان الخيار إنما هو ليعلم استبانة عيب التصرية أشبه أن يقال له الخيار حتى يعلم أنها مصراة طال ذلك ، أو قصر كما يكون له الخيار في العيب إذا علمه بلا وقت طال ذلك ، أو قصر ، ولو كان خيار حبان إنما كان لاستشارة غيره أمكنه أن يستشيره في مقامه وبعده بساعة وأمكن فيه أن يدع الاستشارة دهرا فكان الخبر دل على أن خيار ثلاث أقصى غاية الخيار فلم يجز لنا أن نجاوزه ومن جاوزه كان عندنا مشترطا بيعا فاسدا