سورة النحل
258 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قوله فيها في موضعين : "إن في ذلك لآيات" بالجمع ، وفي خمس مواضع : " إن في ذلك لآية " على الوحدة . أما الجمع فلموافقة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=12مسخرات في الآيتين ، لتقع الموافقة في اللفظ والمعنى ، وأما التوحيد فلتوحيد المدلول عليه .
ومن الخمس قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=13إن في ذلك لآية لقوم يذكرون وليس له نظير ، وخص الذكر لاتصاله بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=13وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه ، فإن اختلاف ألوان الشيء وتغير أحواله يدل على صانع حكيم فما يشبهه شيء ، فمن تأمل فيها تذكر .
ومن الخمس :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=11إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون في موضعين ، وليس لهما نظير ، وخصتا بالتفكر لأن الأولى متصلة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=11ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات ، وأكثرها للأكل ، وبه قوام البدن ، فيستدعي تفكرا وتأملا ، ليعرف به المنعم عليه فيشكر . والثانية متصلة بذكر النحل ، وفيها أعجوبة من انقيادها لأميرها ، واتخاذها البيوت على أشكال يعجز عنها الحاذق ، ثم تتبعها الزهر والطل من الأشجار ، ثم خروج ذلك
[ ص: 158 ] من بطونها لعابا هو شفاء ، فاقتضى ذلك ذكرا بليغا ، فختم الآية بالتفكير .
259 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا ما في هذه السورة جاء على القياس ، فإن " الفلك " المفعول الأول لترى ، و " مواخر " المفعول الثاني ، وفيه ظروف ، وحقه التأخر ، والواو في
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14ولتبتغوا للعطف على لام العلة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14لتأكلوا منه ، وأما في الملائكة فقدم " فيه " موافقة لما قبله ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12ومن كل تأكلون لحما طريا فوافق تقديم الجار والمجرور على الفعل والفاعل ، ولم يزد الواو على " لتبتغوا " ؛ لأن اللام في " لتبتغوا " هنا لام العلة ، وليس بعطف على شيء قبله . ثم إن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وترى الفلك مواخر فيه في هذه السورة ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12فيه مواخر في فاطر ، اعتراض في السورتين يجري مجرى المثل ، ولهذا وحد الخطاب فيه ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وترى ، وقبله وبعده جمع ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14لتأكلوا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وتستخرجوا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14ولتبتغوا ، وفي الملائكة : " تأكلوا " ،
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12وتستخرجون ، ومثله في القرآن كثير :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ، وكذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29تراهم ركعا سجدا ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وترى الملائكة حافين من حول العرش ، وأمثاله ، أي لو حصرت أيها المخاطب لرأيته بهذه الصفة ، كما تقول : أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل ، فتأمل فإن فيه دقيقة .
260 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=24وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ،
[ ص: 159 ] وبعده :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا . إنما رفع الأول لأنهم أنكروا إنزال القرآن ، فعدلوا عن الجواب ، فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=24أساطير الأولين . والثاني من كلام المتقين ، وهو مقرون بالوحي والإنزال ، فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30خيرا . أي : أنزل خيرا ، فيكون الجواب مطابقا .
وخيرا نصب بأنزل ، وإن شئت جعلت خيرا مفعول القول ، أي : قالوا خيرا ، ولم يقولوا شرا كما قالت الكفار ، وإن شئت جعلت خيرا صفة مصدر محذوف ، أي : قالوا قولا خيرا . وقد ذكرت مثله ما زاد في موضعها .
261 - قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29فلبئس مثوى المتكبرين ليس له في القرآن نظير . الفاء للعطف على فاء التعقيب في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29فادخلوا أبواب جهنم ، واللام للتأكيد ، يجري مجرى القسم موافقة لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30ولنعم دار المتقين ، وليس له نظير ، وبينهما
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30ولدار الآخرة خير .
262 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=34فأصابهم سيئات ما عملوا هنا ، وفي الجاثية " 33 " ، وفي غيرهما : " ما كسبوا " ؛ لأن العمل أعم من الكسب ، ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره . وخصت هذه السورة لموافقة ما قبله ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=28ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون ، ولموافقة ما بعده ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=111وتوفى كل نفس ما عملت ، وفي الزمر " 70 " ، وليس لها نظير .
[ ص: 160 ] 263 - قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء قد سبق .
264 - قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=49ولله يسجد ما في السماوات قد سبق .
265 - قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15ولله يسجد من في السماوات قد سبق أيضا .
266 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=55ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون ، ومثله في الروم " 34 " ، وفي العنكبوت :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=66وليتمتعوا فسوف يعلمون باللام والياء ، أما التاء في السورتين فبإضمار القول ، أي : قل لهم تمتعوا ، كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=30قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ، وكذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8قل تمتع بكفرك قليلا . وخصت هذه بالخطاب بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=54إذا فريق منكم ، وألحق ما في الروم به .
وأما في العنكبوت فعلى القياس ، عطف على اللام قبله ، وهي للغائب .
267 - قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=61ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ، وفي الملائكة :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=45بما كسبوا ما ترك على ظهرها . الهاء في هذه السورة كناية عن الأرض ، ولم يتقدم ذكرها ،
والعرب تجوز ذلك في كلمات منها : الأرض ، تقول : فلان أفضل من عليها . ومنها : السماء ، تقول : فلان أكرم من تحتها . ومنها : الغداء ، ( تقول ) : إنها اليوم لباردة . ومنها : الأصابع ، تقول : والذي شقهن خمسا من واحدة ، يعني الأصابع من اليد . وإنما جوزوا ذلك لحصولها بين يدي كل متكلم وسامع .
[ ص: 161 ] ولما كان كناية عن غير مذكور لم يزد معه الظهر ؛ لئلا يلتبس بالدابة ، لأن الظهر أكثر ما يستعمل في الدابة . قال - عليه الصلاة والسلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3503249إن المنبت لا أرضا قطع ، ولا ظهرا أبقى .
وأما في الملائكة فقد تقدم ذكر الأرض في قوله : " أولم يسيروا في الأرض " ، وبعدها : " ولا في الأرض " ، فكان كناية عن مذكور سابق ، فذكر الظهر حيث لا يلتبس .
قال
الخطيب : لما قال في النحل :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=61بظلمهم ؛ لم يقل : ( على ظهرها ) احترازا عن الجمع بين الظاءين ؛ لأنها تقل في الكلام ، وليست لأمة من الأمم سوى
العرب .
قال : ولم يجئ في هذه السورة إلا في سبعة أحرف ، نحو : الظلم ، والنظر ، والظل ، وظل وجهه ، والظهر ، والعظم ، والوعظ ، فلم يجمع بينهما في جملتين معقودتين عقد كلام واحد ، وهو : لو وجوابه .
267 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=65فأحيا به الأرض بعد موتها ، وفي العنكبوت :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=63من بعد موتها ، وكذلك حذف من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ، وفي الحج :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5من بعد علم شيئا ؛ لأنه أجمل الكلام في هذه السورة ( وفصل في الحج ) فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة . . . إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ومنكم من يتوفى فاقتضى الإجمال
[ ص: 162 ] الحذف ، والتفصيل الإثبات . فجاء في كل سورة بما اقتضاه الحال .
268 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66نسقيكم مما في بطونه ، وفي المؤمنين :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=21في بطونها ؛ لأن ( الضمير ) في هذه السورة يعود إلى البعض وهو الإناث ؛ لأن اللبن لا يكون للكل ، فصار تقدير الآية : وإن لكم في بعض الأنعام . بخلاف ما في المؤمنين ، فإنه عطف عليه ما يعود على الكل ولا يقتصر على البعض ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=21ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=22وعليها ، ثم يحتمل أن يكون المراد البعض ، فأنث حملا على الأنعام ، وما قيل من أن الأنعام ههنا بمعنى النعم ؛ لأن الألف واللام تلحق الآحاد بالجمع ، وفي إلحاق الجمع بالآحاد حسن ، لكن الكلام وقع في التخصيص ، والوجه ما ذكرت ، والله أعلم .
269 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وبنعمت الله هم يكفرون ، وفي العنكبوت :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=67يكفرون بغير " هم " ؛ لأن في هذه السورة اتصل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات . ثم عاد إلى الغيبة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون . فلا بد من تقييده بهم ؛ لئلا تلتبس الغيبة بالخطاب والتاء بالباء .
وما في العنكبوت اتصل بآيات استمرت على الغيبة فيها كلها ، فلم يحتج إلى تقييده بالضمير .
270 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=110ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم . كرر " إن " ، وكذلك في الآية الأخرى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119ثم إن ربك ؛ لأن
[ ص: 163 ] الكلام لما طال بصلته ، أعاد إن واسمها ، وثم ، وذكر الخبر ، ومثله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=35أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون أعاد أن واسمها لما طال الكلام .
271 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=127ولا تك في ضيق مما ، وفي النمل :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=70ولا تكن بإثبات النون . هذه الكلمة كثر دورها في الكلام ، فحذف النون منها تخفيفا من غير قياس ، بل تشبيها بحروف العلة ، ويأتي ذلك في القرآن في بضع عشرة موضعا ، تسعة منها بالتاء ، وثمانية بالياء ، وموضعان بالنون ، وموضع بالهمزة ، وخصت هذه السورة بالحذف دون النمل موافقة لما قبلها وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120ولم يك من المشركين .
والثاني : إن هذه الآية نزلت تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - حين قتل عمه
nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة ومثل به ، فقال - عليه الصلاة والسلام - :
لأفعلن بهم ولأصنعن ، فأنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126ولئن صبرتم لهو خير للصابرين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=127واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ، فبالغ في الحذف ليكون ذلك مبالغة في التسلي ، وجاء في النمل على القياس ؛ ولأن الحزن هنا دون الحزن هناك .
سُورَةُ النَّحْلِ
258 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قَوْلُهُ فِيهَا فِي مَوْضِعَيْنِ : "إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَات" بِالْجَمْعِ ، وَفِي خَمْسِ مَوَاضِعَ : " إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَة " عَلَى الْوَحْدَةِ . أَمَّا الْجَمْعُ فَلِمُوَافَقَةِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=12مُسَخَّرَاتٌ فِي الْآيَتَيْنِ ، لِتَقَعَ الْمُوَافَقَةُ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى ، وَأَمَّا التَّوْحِيدُ فَلِتَوْحِيدِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ .
وَمِنَ الْخَمْسِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=13إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ وَلَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ ، وَخُصَّ الذِّكْرُ لِاتِّصَالِهِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=13وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ، فَإِنَّ اخْتِلَافَ أَلْوَانِ الشَّيْءِ وَتَغَيُّرَ أَحْوَالِهِ يَدُلُّ عَلَى صَانِعٍ حَكِيمٍ فَمَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ ، فَمَنْ تَأَمَّلَ فِيهَا تَذَكَّرَ .
وَمِنَ الْخَمْسِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=11إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فِي مَوْضِعَيْنِ ، وَلَيْسَ لَهُمَا نَظِيرٌ ، وَخُصَّتَا بِالتَّفَكُّرِ لِأَنَّ الْأُولَى مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=11يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ، وَأَكْثَرُهَا لِلْأَكْلِ ، وَبِهِ قِوَامُ الْبَدَنِ ، فَيَسْتَدْعِي تَفَكُّرًا وَتَأَمُّلًا ، لِيَعْرِفَ بِهِ الْمُنْعِمَ عَلَيْهِ فَيَشْكُرَ . وَالثَّانِيَةَ مُتَّصِلَةٌ بِذِكْرِ النَّحْلِ ، وَفِيهَا أُعْجُوبَةٌ مِنِ انْقِيَادِهَا لِأَمِيرِهَا ، وَاتِّخَاذِهَا الْبُيُوتَ عَلَى أَشْكَالٍ يَعْجِزُ عَنْهَا الْحَاذِقُ ، ثُمَّ تَتْبَعُهَا الزَّهْرُ وَالطَّلُّ مِنَ الْأَشْجَارِ ، ثُمَّ خُرُوجُ ذَلِكَ
[ ص: 158 ] مِنْ بُطُونِهَا لُعَابًا هُوَ شِفَاءٌ ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ ذِكْرًا بَلِيغًا ، فَخَتَمَ الْآيَةَ بِالتَّفْكِيرِ .
259 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ جَاءَ عَلَى الْقِيَاسِ ، فَإِنَّ " الْفُلْكَ " الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ لِتَرَى ، وَ " مَوَاخِرَ " الْمَفْعُولُ الثَّانِي ، وَفِيهِ ظُرُوفٌ ، وَحَقُّهُ التَّأَخُّرُ ، وَالْوَاوُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وَلِتَبْتَغُوا لِلْعَطْفِ عَلَى لَامِ الْعِلَّةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14لِتَأْكُلُوا مِنْهُ ، وَأَمَّا فِي الْمَلَائِكَةِ فَقَدَّمَ " فِيهِ " مُوَافَقَةً لِمَا قَبْلَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا فَوَافَقَ تَقْدِيمَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَلَى الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ ، وَلَمْ يَزِدِ الْوَاوَ عَلَى " لِتَبْتَغُوا " ؛ لِأَنَّ اللَّامَ فِي " لِتَبْتَغُوا " هُنَا لَامُ الْعِلَّةِ ، وَلَيْسَ بِعَطْفٍ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَهُ . ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12فِيهِ مَوَاخِرَ فِي فَاطِرٍ ، اعْتِرَاضٌ فِي السُّورَتَيْنِ يَجْرِي مَجْرَى الْمَثَلِ ، وَلِهَذَا وَحَّدَ الْخِطَابَ فِيهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وَتَرَى ، وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ جَمْعٌ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14لِتَأْكُلُوا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وَتَسْتَخْرِجُوا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وَلِتَبْتَغُوا ، وَفِي الْمَلَائِكَةِ : " تَأْكُلُوا " ،
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12وَتَسْتَخْرِجُونَ ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ، وَكَذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ ، وَأَمْثَالُهُ ، أَيْ لَوْ حَصَرْتَ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُ لَرَأَيْتَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، كَمَا تَقُولُ : أَيُّهَا الرَّجُلُ وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ ، فَتَأَمَّلْ فَإِنَّ فِيهِ دَقِيقَةً .
260 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=24وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ،
[ ص: 159 ] وَبَعْدَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا . إِنَّمَا رَفَعَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا إِنْزَالَ الْقُرْآنِ ، فَعَدَلُوا عَنِ الْجَوَابِ ، فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=24أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ . وَالثَّانِي مِنْ كَلَامِ الْمُتَّقِينَ ، وَهُوَ مَقْرُونٌ بِالْوَحْيِ وَالْإِنْزَالِ ، فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30خَيْرًا . أَيْ : أَنْزَلَ خَيْرًا ، فَيَكُونُ الْجَوَابُ مُطَابِقًا .
وَخَيْرًا نُصِبَ بِأَنْزَلَ ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ خَيْرًا مَفْعُولَ الْقَوْلِ ، أَيْ : قَالُوا خَيْرًا ، وَلَمْ يَقُولُوا شَرًّا كَمَا قَالَتِ الْكُفَّارُ ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ خَيْرًا صِفَةَ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ : قَالُوا قَوْلًا خَيْرًا . وَقَدْ ذَكَرْتُ مِثْلَهُ مَا زَادَ فِي مَوْضِعِهَا .
261 - قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ لَيْسَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ نَظِيرٌ . الْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى فَاءِ التَّعْقِيبِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ ، وَاللَّامُ لِلتَّأْكِيدِ ، يَجْرِي مَجْرَى الْقَسَمِ مُوَافَقَةً لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ، وَلَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ ، وَبَيْنَهُمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ .
262 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=34فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا هُنَا ، وَفِي الْجَاثِيَةِ " 33 " ، وَفِي غَيْرِهِمَا : " مَا كَسَبُوا " ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ أَعَمُّ مِنَ الْكَسْبِ ، وَلِهَذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ . وَخُصَّتْ هَذِهِ السُّورَةُ لِمُوَافَقَةِ مَا قَبْلَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=28مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، وَلِمُوَافَقَةِ مَا بَعْدَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=111وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ ، وَفِي الزُّمَرِ " 70 " ، وَلَيْسَ لَهَا نَظِيرٌ .
[ ص: 160 ] 263 - قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ قَدْ سَبَقَ .
264 - قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=49وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ قَدْ سَبَقَ .
265 - قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ قَدْ سَبَقَ أَيْضًا .
266 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=55لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ، وَمِثْلُهُ فِي الرُّومِ " 34 " ، وَفِي الْعَنْكَبُوتِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=66وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ بِاللَّامِ وَالْيَاءِ ، أَمَّا التَّاءُ فِي السُّورَتَيْنِ فَبِإِضْمَارِ الْقَوْلِ ، أَيْ : قُلْ لَهُمْ تَمَتَّعُوا ، كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=30قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ، وَكَذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا . وَخُصَّتْ هَذِهِ بِالْخِطَابِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=54إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ ، وَأُلْحِقَ مَا فِي الرُّومِ بِهِ .
وَأَمَّا فِي الْعَنْكَبُوتِ فَعَلَى الْقِيَاسِ ، عُطِفَ عَلَى اللَّامِ قَبْلَهُ ، وَهِيَ لِلْغَائِبِ .
267 - قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=61وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ ، وَفِي الْمَلَائِكَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=45بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا . الْهَاءُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ كِنَايَةٌ عَنِ الْأَرْضِ ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهَا ،
وَالْعَرَبُ تُجَوِّزُ ذَلِكَ فِي كَلِمَاتٍ مِنْهَا : الْأَرْضُ ، تَقُولُ : فُلَانٌ أَفْضَلُ مَنْ عَلَيْهَا . وَمِنْهَا : السَّمَاءُ ، تَقُولُ : فُلَانٌ أَكْرَمُ مَنْ تَحْتَهَا . وَمِنْهَا : الْغَدَاءُ ، ( تَقُولُ ) : إِنَّهَا الْيَوْمَ لَبَارِدَةٌ . وَمِنْهَا : الْأَصَابِعُ ، تَقُولُ : وَالَّذِي شَقَّهُنَّ خَمْسًا مِنْ وَاحِدَةٍ ، يَعْنِي الْأَصَابِعَ مِنَ الْيَدِ . وَإِنَّمَا جَوَّزُوا ذَلِكَ لِحُصُولِهَا بَيْنَ يَدَيْ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ وَسَامِعٍ .
[ ص: 161 ] وَلَمَّا كَانَ كِنَايَةً عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ لَمْ يَزِدْ مَعَهُ الظَّهْرَ ؛ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِالدَّابَّةِ ، لِأَنَّ الظَّهْرَ أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الدَّابَّةِ . قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3503249إِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ ، وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى .
وَأَمَّا فِي الْمَلَائِكَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْأَرْضِ فِي قَوْلِهِ : " أَولَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ " ، وَبَعْدَهَا : " وَلَا فِي الْأَرْضِ " ، فَكَانَ كِنَايَةً عَنْ مَذْكُورٍ سَابِقٍ ، فَذَكَرَ الظَّهْرَ حَيْثُ لَا يَلْتَبِسُ .
قَالَ
الْخَطِيبُ : لَمَّا قَالَ فِي النَّحْلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=61بِظُلْمِهِمْ ؛ لَمْ يَقُلْ : ( عَلَى ظَهْرِهَا ) احْتِرَازًا عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الظَّاءَيْنِ ؛ لِأَنَّهَا تَقِلُّ فِي الْكَلَامِ ، وَلَيْسَتْ لِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ سِوَى
الْعَرَبِ .
قَالَ : وَلَمْ يَجِئْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ إِلَّا فِي سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ، نَحْوُ : الظُّلْمِ ، وَالنَّظَرِ ، وَالظِّلِّ ، وَظَلَّ وَجْهُهُ ، وَالظَّهْرِ ، وَالْعَظْمِ ، وَالْوَعْظِ ، فَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي جُمْلَتَيْنِ مَعْقُودَتَيْنِ عَقْدَ كَلَامٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ : لَوْ وَجَوَابُهُ .
267 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=65فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ، وَفِي الْعَنْكَبُوتِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=63مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا ، وَكَذَلِكَ حَذَفَ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ، وَفِي الْحَجِّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَلَ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ( وَفَصَّلَ فِي الْحَجِّ ) فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ . . . إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى فَاقْتَضَى الْإِجْمَالُ
[ ص: 162 ] الْحَذْفَ ، وَالتَّفْصِيلُ الْإِثْبَاتَ . فَجَاءَ فِي كُلِّ سُورَةٍ بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ .
268 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ ، وَفِي الْمُؤْمِنِينَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=21فِي بُطُونِهَا ؛ لِأَنَّ ( الضَّمِيرَ ) فِي هَذِهِ السُّورَةِ يَعُودُ إِلَى الْبَعْضِ وَهُوَ الْإِنَاثُ ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَكُونُ لِلْكُلِّ ، فَصَارَ تَقْدِيرُ الْآيَةِ : وَإِنَّ لَكُمْ فِي بَعْضِ الْأَنْعَامِ . بِخِلَافِ مَا فِي الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ مَا يَعُودُ عَلَى الْكُلِّ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْبَعْضِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=21وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=22وَعَلَيْهَا ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْبَعْضَ ، فَأَنَّثَ حَمْلًا عَلَى الْأَنْعَامِ ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْأَنْعَامَ هَهُنَا بِمَعْنَى النِّعَمِ ؛ لِأَنَّ اَلْأَلِفَ وَاللَّامَ تَلْحَقُ الْآحَادَ بِالْجَمْعِ ، وَفِي إِلْحَاقِ الْجَمْعِ بِالْآحَادِ حُسْنٌ ، لَكِنَّ الْكَلَامَ وَقَعَ فِي التَّخْصِيصِ ، وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْتُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
269 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ، وَفِي الْعَنْكَبُوتِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=67يَكْفُرُونَ بِغَيْرِ " هُمْ " ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ السُّورَةِ اتَّصَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ . ثُمَّ عَادَ إِلَى الْغَيْبَةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ . فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِهِمْ ؛ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ الْغَيْبَةُ بِالْخِطَابِ وَالتَّاءُ بِالْبَاءِ .
وَمَا فِي الْعَنْكَبُوتِ اتَّصَلَ بِآيَاتٍ اسْتَمَرَّتْ عَلَى الْغَيْبَةِ فِيهَا كُلِّهَا ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْيِيدِهِ بِالضَّمِيرِ .
270 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=110ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ . كَرَّرَ " إِنَّ " ، وَكَذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ ؛ لِأَنَّ
[ ص: 163 ] الْكَلَامَ لَمَّا طَالَ بِصِلَتِهِ ، أَعَادَ إِنَّ وَاسْمَهَا ، وَثُمَّ ، وَذَكَرَ الْخَبَرَ ، وَمِثْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=35أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ أَعَادَ أَنَّ وَاسْمَهَا لَمَّا طَالَ الْكَلَامُ .
271 -
nindex.php?page=treesubj&link=28914قَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=127وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا ، وَفِي النَّمْلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=70وَلا تَكُنْ بِإِثْبَاتِ النُّونِ . هَذِهِ الْكَلِمَةُ كَثُرَ دَوْرُهَا فِي الْكَلَامِ ، فَحَذَفَ النُّونَ مِنْهَا تَخْفِيفًا مِنْ غَيْرِ قِيَاسٍ ، بَلْ تَشْبِيهًا بِحُرُوفِ الْعِلَّةِ ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مَوْضِعًا ، تِسْعَةٌ مِنْهَا بِالتَّاءِ ، وَثَمَانِيَةٌ بِالْيَاءِ ، وَمَوْضِعَانِ بِالنُّونِ ، وَمَوْضِعٌ بِالْهَمْزَةِ ، وَخُصَّتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِالْحَذْفِ دُونَ النَّمْلِ مُوَافَقَةً لِمَا قَبْلَهَا وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
وَالثَّانِي : إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ تَسْلِيَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قُتِلَ عَمُّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=135حَمْزَةُ وَمُثِّلَ بِهِ ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - :
لَأَفْعَلَنَّ بِهِمْ وَلَأَصْنَعَنَّ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=127وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ، فَبَالَغَ فِي الْحَذْفِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي التَّسَلِّي ، وَجَاءَ فِي النَّمْلِ عَلَى الْقِيَاسِ ؛ وَلِأَنَّ الْحُزْنَ هُنَا دُونَ الْحُزْنِ هُنَاكَ .