أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون
[أم] هنا مقطوعة مما قبلها، وهي مقدرة بالألف وبل، وهذا تقرير وتوبيخ، فأمر الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يوقفهم على الأمر، وعلى أنهم يرضون بهذا مع كون الأصنام بصورة كذا وكذا من عدم الملك والعقل.
والواو في قوله تعالى: "أولو" واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام، ومتى دخلت ألف الاستفهام على واو العطف أو فائه أحدثت معنى التقرير.
ثم أمره بأن يخبر بأن جميع الشفاعة إنما هي لله تعالى، و"جميعا" نصب على الحال، والمعنى أن الله تعالى يشفع ثم لا يشفع أحد قبل شفاعته إلا بإذنه، فمن حيث شفاعة غيره موقوفة على إذنه فالشفاعة كلها له ومن عنده.
وقوله تعالى: وإذا ذكر الله وحده الآية، قال وغيره: مجاهد فاستبشر الكفار بذلك وسروا، فلما أذهب الله ما ألقى الشيطان أنفوا واستكبروا واشمأزت نفوسهم، ومعناه: تقبضت كبرا و أنفة وكراهية ونفورا، ومنه قول نزلت في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم عند الكعبة بمحضر من الكفار، وعند ذلك ألقى الشيطان في [ ص: 400 ] أمنيته، فقال: "إنهن الغرانيق العلى، وإن شفاعتهم لترتجى"، عمرو بن كلثوم:
إذا عض الثقاف بها اشمأزت ... وولتهم عشوزنة زبونا
و الذين من دونه يريد الذين يعبدون من دونه، وجاءت العبارة في هذه الآيات عن الأصنام كما تجيء عمن يفعل، من حيث صارت في حيز من يعقل، ونسب إليها الضر والنفع والألوهية، ونفي ذلك عنها، فعوملت معاملة من يعقل. و"وحده" منصوب عند على المصدر، وعند سيبويه على الحال. الفراء