فإن عاد بها إلى بيته لزمه إحرازها فيه وإلا ضمن مطلقا على ما أفهمه كلام ( ولو أعطاه دراهم بالسوق ) مثلا ( ولم يبين كيفية الحفظ ) الماوردي لكن قضية كلام الشيخين أنه يرجع في ذلك للعادة وإن لم يعد بها إليه ( فربطها في كمه وأمسكها ) مثلا ( بيده ، أو جعلها في جيبه ) المذكور بشرطه ( لم يضمن ) ؛ لأنه احتاط في الحفظ بخلاف ما إذا كان الجيب واسعا غير مزرور ، أو مثقوبا وإن جهله كما أطلقه الماوردي وقال صاحب الكافي لا يضمن إن حدث الثقب بعد الوضع وهو متجه إن كان حدوثه لا بسبب الوضع ولا بسبب آخر يظن حصوله عادة وبخلاف ما إذا ربطها فيه ولم يمسكها بيده فيضمن على ما أفهمه المتن لكن الذي في الروضة كأصلها وغيرهما أنه يتأتى فيه ما مر فيما لو أمره بربطها في كمه وبخلاف ما لو وضعها في كمه بلا ربط فسقطت فإنه يضمن الخفيفة ؛ لأنه لا يشعر بها إذا سقطت بخلاف الثقيلة أي مما يعتاد وضع مثله في الكم .
قال الرافعي وقياس هذا طرده في سائر صور الاسترسال ، ولو ربطها في التكة ، أو وضعها في كور عمامته وشدها لم يضمن ويظهر أن محله إن أخذت من غير طرو إلا وقد ظهر جرمها فينبغي أن يضمن ؛ لأنه أغراه عليها حينئذ ( فليمض إليه ) حالا ( ويحرزها ) عقب وصوله ( فإن أخر ) شيئا من ذلك ( بلا عذر ) صار ضامنا لها فإذا تلفت ، ولو في البيت ( ضمن ) لتفريطه وإن كانت خسيسة ، أو كان في سوقه وحانوته وهو حرز مثلها ، ولو لم تجر عادته بالقيام منه إلا عشاء على المنقول كما بينه ( وإن قال ) له وقد أعطاها له في السوق مثلا ( احفظها في البيت ) فقبل الأذرعي رادا به على من قيد بشيء [ ص: 119 ] من ذلك ويؤخذ منه أن العذر هنا ليس هو الآتي في التأخير بعد الطلب ؛ لأن هذا أضيق فليكن المراد بالعذر فيه الضروري ، أو القريب منه ، ولو ضمن بخلاف ما إذا لم يجد مفتاحه مثلا لا إن شاهدها مما يلي أضلاعه أي ولم يكن التلف في زمن الخروج بسبب المخالفة كما بحثه قال له وقد أعطاها له في البيت احفظها في البيت فخرج بها ، أو لم يخرج وربطها في نحو كمه مع إمكان حفظها في نحو صندوق الأذرعي ؛ لأن هذا أحرز من البيت فإن لم يقل شيئا جاز له أن يخرج بها مربوطة كما أشعر به كلامهم قاله الرافعي .
ثم بحث فيه بأنه ينبغي أن يرجح فيه للعادة وهو متجه وإن نازعه الأذرعي بأن قضية كلام الماوردي المؤيد بنص الأم أن المحل متى كان حرزا لها فخرج بها منه ضمنها ، ولو نام ومعه الوديعة فضاعت فإن كان بحضرة من يحفظها ، أو في محل حرز لها لم يضمن وإلا ضمن كما دل عليه كلامهم ثم رأيت التصريح به الآتي ( ومنها أن يضيعها ) ، ولو لنحو نسيان ( بأن ) تقع في كلامه كغيره بمعنى كان كثيرا كما في هذا الباب إذ أنواع الضياع كثيرة منها أن فيضمنها على ما مر ولا يصدق في ذبحها لذلك إلا ببينة كما في دعواه خوفا ألجأه إلى إيداع غيره ومنها أن ينام عنها إلا إن كانت برحله ورفقته حوله أي مستيقظين كما هو ظاهر إذ لا تقصير بالنوم حينئذ وأن تقع دابة في مهلكة وهي مع راع ، أو وديع فيترك تخليصها الذي ليس عليه فيه كبير كلفة ، أو ذبحها بعد تعذر تخليصها فتموت كما لو ( يضعها في غير حرز مثلها ) بغير إذن مالكها وإن قصد إخفاءها والتنظير فيه غير صحيح وبحث أنه لو جاءه من يخاف منه على نفسه ، أو ماله فهرب وتركها أي ولم يمكنه أخذها وهي في حرز مثلها لم يضمنها إذ لا تقصير منه . هجم عليه قطاع فألقاها بمضيعة ، أو غيرها إخفاء لها فضاعت
[ ص: 120 ] ( تنبيه )
ضابط الحرز هنا كما فصلوه في السرقة بالنسبة لأنواع المال والمحال ذكره في الأنوار قال غيره وهو مقتضى كلامهم وفرع بعضهم عليه أن الدار المغلقة ليلا ولا نائم فيها غير حرز هنا أيضا وإن كانت ببلد آمن وأنه كما علم مما مر أول الباب احفظ داري فأجاب فذهب المالك وبابها مفتوح ثم الآخر ضمن ، بخلاف المغلقة على التفصيل الآتي ثم ، وقد يرد على ذلك جزم بعضهم بأنه لو قال أي لمن معه في الدار فإن اتهمه قبل ذلك ضمن وإلا فلا ا هـ وقضية قولهم ثم ليس محرزا بالنسبة للضيف والساكن أنه يضمن هنا مطلقا وهو الأوجه ، ولو ذهب بها فأر من حرزها في جدار لم يجز لمالكها حفره مجانا ؛ لأن مالكه لم يتعد بخلاف ما إذا تعدى نظير ما قالوه في دينار وقع بمحبرة ، أو فصيل ببيت ولم يمكن إخراجه إلا بكسرها أو هدمه يكسر ويهدم بالأرش إن لم يتعد مالك الظرف وإلا فلا أرش ( أو يدل عليها ) مع تعيين محلها ( سارقا ) أو نحوه ( أو من يصادر المالك ) ؛ لأنه أتى بنقيض ما التزمه من الحفظ . لو سرق الوديعة من الحرز من يساكنه فيه
ومن ثم كان طريقا في الضمان وإن أكره على الدلالة وعليه يحمل ما اقتضاه كلامهما من ضمانه وعلى عدم القرار عليه حمل الزركشي قول الماوردي لا يضمن وفارق محرما دل على صيد بأنه لم يلتزم الحفظ ولم يستول عليه بخلاف الوديع فيهما ونظر شارح في حمل الزركشي المذكور بأنه يلزم منه أن قرار الضمان على الدال على وجه أي حكاه الماوردي مقابلا لقوله لا يضمن ولا قائل به ا هـ ويرد بمنع لزوم ذلك نظرا لعذره مع عدم مباشرته للتسليم ، أو بالتزامه نظرا لالتزامه الحفظ ، وقوله : لا قائل به شهادة نفي وقضية المتن ضمانه بمجرد الدلالة وإن تلفت بغيرها وبه صرح جمع لكن المعتمد عند الشيخين وغيرهما أنه لا يضمن ويفرق بينه وبين ما مر في ترك العلف وتأخير الذهاب للبيت عدوانا بأن كلا [ ص: 121 ] من ذينك فيه تسبب لإذهاب عينها بالكلية بخلاف الدلالة هنا فلم يدخل بها في ضمانه ، ولو قال لا تخبر بها فخالف فإن أخذها مخبره ، أو مخبر مخبره ضمن وإن لم يعين موضعها وإلا فلا خلافا لما يوهمه كلام العبادي