ص ( فصل عقد الجزية . إذن الإمام لكافر صح سباؤه )
ش : قال ابن عرفة : الجزية حكمها الجواز المعروض للترجيح وقد تتعين عند الحاجة إليها قبل القدرة انتهى .
وهذا الحكم ينتهي إلى نزول السيد عيسى عليه السلام ثم لا يقبل إلا الإيمان قال الأبي عن في قوله صلى الله عليه وسلم ويضع الجزية : أي لا يقبلها لفيض المال وعدم النفع به حينئذ وإنما يقبل الإيمان وقد يكون معنى وضعها ضربها على جميع أهل الكفر لأن الحرب تضع حينئذ أوزارها ولا يقاتله أحد انتهى . القاضي عياض
( فائدة ) قال في فتح الباري قال العلماء الحكمة في وضع الجزية أن الذل الذي يلحقهم يحملهم على الدخول في الإسلام مع ما في مخالطة المسلمين من الاطلاع على محاسن الإسلام واختلف في سنة مشروعيتها فقيل : في سنة ثمان وقيل : في سنة تسع انتهى .
والأصل فيها الآية الكريمة ومما يدل للحكمة المذكورة أنه لما حصل صلح الحديبية وخالط المسلمون الكفار آمنين ; أسلم بسبب ذلك خلق كثير كما قال ذلك أيضا في صلح الحديبية ونصه : ولقد دخل في تلك السنتين خلق كثير مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر يعني من صناديد قريش انتهى .
وقوله : إذن الإمام قال في الذخيرة عن الجواهر : ولو لم يصح لكن يمنع الاغتيال انتهى ، وانظر ما نقله عقده مسلم بغير إذن الإمام البساطي عن الجواهر فإنه عكس هذا والله أعلم .
وقوله : لكافر صح سباؤه ظاهر كلامه أنه مشى على ظاهر كلام وأن [ ص: 381 ] المشهور من المذهب أن الجزية تؤخذ من كل كافر يصح سباؤه ، ولا يخرج من ذلك إلا المرتد ، قال في التوضيح : وعلى هذا الظاهر مشاه ابن الحاجب ابن رشد وابن عبد السلام وذكر المازري أنه ظاهر المذهب كما شهره المصنف قال : وحكى المصنفون في الخلاف من أصحابنا وغيرهم أن مذهب أنها تقبل إلا من كفار قريش ونقل صاحب المقدمات الإجماع على أن كفار مالك قريش لا تؤخذ منهم الجزية وذكر أن ابن الجهم نقل الإجماع أيضا واختلف في تعليل عدم أخذها من كفار قريش فعلله ابن الجهم بأن ذلك إكراما لهم لمكانهم من النبي صلى الله عليه وسلم وعلله القرويون بأن قريشا أسلموا كلهم فإن وجد منهم كافر فمرتد فلا تؤخذ منه المازري وإن ثبتت الردة فلا يختلف في عدم أخذها منهم انتهى .
ونقل ابن عرفة طرقا فذكر طريق فيمن تؤخذ منهم الجزية ابن رشد المتقدمة ، ثم ذكر كلام اللخمي وابن بشير ، ثم قال وظاهر نقليهما : قريش كغيرها ، ثم قال لما حصل الأقوال : وخامسها إلا من قريش ، واعتمد صاحب الشامل على ما قاله صاحب المقدمات فقال : إلا من مرتد وكافر قريش انتهى .
والسباء بالمد قاله في الصحاح وهو الأسر .
ص ( مخالط )
ش : احترازا من راهب الصوامع فلو ترهب بعد عقدها ففي سقوطها قولان لنقل صاحب البيان عن ابن القاسم ولنقل اللخمي عن مطرف وابن الماجشون نقله وصحح الأول صاحب الشامل . ابن الحاجب
ص ( لم يعتقه مسلم )
ش : هذا أحد الأقوال الثلاثة وقيل : تؤخذ منه مطلقا وقيل : لا تؤخذ منه مطلقا قال ابن رشد : وهذا الخلاف إنما هو فيمن أعتق ببلد الإسلام ، وأما من أعتق بأرض الحرب فعليه الجزية بكل حال ، ونقله ابن عرفة وصاحب التوضيح .
ص ( بسكنى غير مكة والمدينة واليمن )
ش : وهذه جزيرة العرب قال في الذخيرة والجزيرة مأخوذة من الجزر وهو القطع ومنه الجزار لقطعه أعضاء الحيوان ، والجزيرة لانقطاع المياه عن وسطها إلى أجنابها وجزيرة العرب قد احتف بها بحر القلزم من جهة المغرب وبحر فارس من جهة المشرق وبحر الهند من جهة الجنوب انتهى .
وقال ابن عرفة : وإنما قيل لها : جزيرة لانقطاع ما كان فائضا عليها من ماء البحر انتهى .
وقال في سورة براءة : وأما القرطبي جزيرة العرب وهي مكة والمدينة واليمامة واليمن ومخالفيها فقال : يخرج من هذه المواضع كل من كان على غير الإسلام ولا يمنعون من التردد بها مسافرين وكذلك قال مالك : إلا أنه استثنى من ذلك الشافعي اليمن فيضرب لهم فيها ثلاثة أيام كما ضرب لهم حين أجلاهم ولا يدفنون فيها ويلجئون إلى الحل انتهى . عمر
وقال المحدث في شرح حديث تمامة في كتاب الجهاد من القرطبي : ومنع مسلم رحمه الله دخول الكفار جميع المساجد مالك والحرم وهو قول عمر بن عبد العزيز وقتادة انتهى . والمزني
ولعله يريد بقوله يمنعون دخول الحرم أي الإقامة ، ومفهوم كلام المصنف أن لهم سكنى غير ذلك وهو صحيح لكنه يشترط أن يسكن حيث يناله حكمنا ولا يسكن حيث يخشى منه أن ينكث ويؤمر بالانتقال فإن أبوا قوتلوا .
( فرع ) قال في الذخيرة انتهى . وللذمي أن ينقل جزيته من بلد إلى بلد من بلاد الإسلام
( فرع ) قال بعض المحققين : إذا فإنهم يؤخذون بالانتقال قاله أسلم أهل جهة وخفنا عليهم الارتداد إذا فقد الجيش ابن عبد السلام .
وظاهر كلام المصنف أن جزيرة العرب وهو قول حكم العبيد حكم الأحرار في عدم السكنى في عيسى خلاف قول قاله في التوضيح ابن سيرين