الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ، وفي سنية ركعتي الطواف أو وجوبهما تردد ) ش أشار بالتردد لتردد المتأخرين [ ص: 111 ] في النقل فاختار الباجي وجوبهما مطلقا وعبد الوهاب سنيتهما مطلقا والأبهري وابن رشد أن حكمهما حكم الطواف في الوجوب والندب ، وهذا الثالث : هو الظاهر ، وعليه اقتصر ابن بشير في التنبيه ، وقال سند : لا خلاف بين أرباب المذاهب أنهما ليستا ركنا ، والمذهب : أنهما واجبتان تجبران بالدم انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عسكر في العمدة : والمشهور أن حكمهما حكم الطواف ، وقال في شرحهما ذهب ابن رشد إلى أن حكمهما في الوجوب والندب حكم الطواف ، وقال الباجي : الأظهر وجوبهما في الطواف الواجب ، ويجبان بالشروع في غيره انتهى .

                                                                                                                            فتحصل من هذا أن الراجح والمشهور من المذهب وجوب ركعتي الطواف ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وندبا كالإحرام ب الكافرون والإخلاص ) ش قال ابن الحاج : ولو اقتصر على أم القرآن وحدها أجزأه انتهى .

                                                                                                                            ، ونقله التادلي عنه والمفهوم من كلام المصنف وغيره أنه يقرأ في الأولى ب { قل يا أيها الكافرون } ، وفي الثانية ب { قل هو الله أحد } وصرح بذلك ابن فرحون وابن جماعة في فرض العين وغيرهما ، وقال في مختصر الواضحة : ويستحب أن يقرأ فيهما بأم القرآن و { قل هو الله أحد } في الأولى ، وفي الثانية بأم القرآن و { قل يا أيها الكافرون } انتهى .

                                                                                                                            وكذلك قال ابن الحاج في مناسكه وزاد فقد روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طاف تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } فجعل المقام بينه وبين البيت ثم قرأ في الركعتين ب { قل هو الله أحد } و { قل يا أيها الكافرون } انتهى .

                                                                                                                            ولا دليل في ذلك ; لأن الواو لا تقتضي الترتيب ، ولأن في ذلك مخالفة السنة من وجهين : أحدهما : القراءة على خلاف ترتيب المصحف والثاني : تطويل الثانية على الأولى ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وبالمقام ) ش المراد به : مقام إبراهيم الخليل على نبينا ، وعليه أفضل الصلاة والسلام والصلاة خلفه ، واعلم أنه يصح أن يركعهما في كل موضع حتى لو طاف بعد العصر أو بعد الصبح وأخر الركعتين ، فإنه يصليهما حيث كان ، ولو في الحل ما لم ينتقض وضوءه قاله في المدونة ، ولكن المستحب أن يركعهما في المسجد أو بمكة ، كما نقله في التوضيح عن مالك في الموازية ، ونقله قبله عن الباجي أن المستحب أن يركعهما في المسجد ، والأفضل من المسجد خلف المقام قال الشيخ زروق في شرح الرسالة : ويستحب كونهما بالإخلاص والكافرون وخلف المقام في كل طواف على المشهور انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة وابن عبدوس : يركعهما لطوافه أول دخوله خلف المقام ، وقال ابن شعبان : في كل طواف انتهى .

                                                                                                                            قال الشيخ في التوضيح : قال ابن عبد البر ، وإن لم يمكنه فحيث يتيسر من المسجد ما خلا الحجر زاد غيره ، والبيت وظهره انتهى .

                                                                                                                            وقال التادلي في شرح الجلاب للشارمساحي : يجوز أن يركعهما حيث شاء إلا في ثلاثة مواضع داخل البيت ، وعلى ظهره وبين الحجر والبيت ، وكذلك جميع الصلوات والسنن المؤكدة قال أبو طاهر بن بشير في كتاب الصلاة : فإن صلى فيه ركعتي الطواف فهل يكتفي بهما في المذهب ؟ قولان انتهى .

                                                                                                                            كلام التادلي ويشير بذلك إلى قول ابن بشير في ركعتي الطواف الواجب لا يركعهما في الحجر ، فإن ركعهما فيه فهو بمنزلة ما لو ركعهما في البيت ويختلف في إعادتهما ما دام بمكة على الاختلاف فيمن صلى الفريضة في البيت قيل : يعيد في الوقت ، وقيل : أبدا ، وقيل : لا إعادة ، وإن عاد إلى بلده ركعهما هناك ويختلف ، هل يلزمه هدي ؟ انتهى .

                                                                                                                            وقال أبو إسحاق التونسي في باب استلام الأركان : ولا يركع في الحجر ركعتي الطواف الواجب ، فإن فعل ، وكان بالقرب أعادهما ، وإن بعد أعاد الطواف والركوع والسعي ما كان بمكة أو قريبا منها ، فإن بعد أجزأتاه ، ويبعث بهدي كمن لم يركعهما أبو إسحاق ، ولم يجعل ذلك كفريضة صليت بثوب نجس إن الوقت إذا ذهب لا شيء عليه ، واختلف قوله : في ركعتي الطواف ، هل يركعهما في الحجر انتهى .

                                                                                                                            [ ص: 112 ] وما ذكره نقله ابن يونس عن ابن المواز عن ابن القاسم ونصه في كتاب الصلاة الأول : قال ابن المواز عن ابن القاسم : ومن صلى المكتوبة في الحجر أعاد في الوقت ، وإن ركع فيه الركعتين الواجبتين من طواف القدوم أو الإفاضة أعاد واستأنف ما كان بمكة ، وإن رجع إلى بلده ركعهما وبعث بهدي ابن يونس جعله في الفريضة يعيد في الوقت ، وكان يجب على هذا لا يعيد الركعتين إذا بلغ لبلده لذهاب الوقت ، ويجب على قوله : في الركعتين أن يعيد الفريضة أبدا ، وإلا كان ذلك تناقضا انتهى .

                                                                                                                            ، ونقل أبو الحسن الصغير كلامهما في كتاب الصلاة ، وهذا حكم ركعتي الطواف الواجب ، أما النافلة فتقدم في كلام أبي إسحاق أنه اختلف قوله في ركعتي الطواف ، هل يركعهما في الحجر ، وقال في المدونة في باب المواضع التي تجوز فيها الصلاة من كتاب الصلاة الأول : ولا يصلي في الحجر ، ولا في الكعبة فريضة ، ولا ركعتي الطواف الواجب ، ولا الوتر ، ولا ركعتي الفجر ، فأما غير ذلك من ركوع الطواف فلا بأس به انتهى .

                                                                                                                            ونقل ابن عرفة في كتاب الصلاة أول كلام المدونة إلى قوله : ولا ركعتي الفجر ، ولم ينقل ما بعده بل نقله عن سماع ابن القاسم فكأنه لم يقف عليه في المدونة أو نسي ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية