قال : ( ) إلا أني أستحسن في كسوته وكسوة عياله وقوتهم من الطعام والإدام أن يكون له خاصة - دون شريكه - لأن مقتضى المفاوضة المساواة ، وكل واحد منهما قائم مقام صاحبه في التصرف ، وكان شراء أحدهما كشرائهما جميعا ، والقياس في الطعام والكسوة والإدام كذلك ; فإن شراء ذلك من عقود التجارة ، ولكنه استحسنه فقال : هذا مستثنى من قضية المفاوضة ; لأن كل واحد منهما حين شارك صاحبه كان عالما بحاجته إلى ذلك في مدة المفاوضة ، ومعلوم أن كل واحد منهما لم يقصد بالمفاوضة أن تكون نفقته ونفقة عياله على شريكه ، وقد كان يعلم أنه لا يتمكن من تحصيل [ ص: 209 ] حاجته من ذلك إلا بالشراء ، فصار كل واحد منهما مستثنيا هذا المقدار من تصرفه كما هو من مقتضى المفاوضة ، والاستثناء المعلوم بدلالة الحال كالاستثناء بالشرط ، ولأن سبب المفاوضة إنما يوجب المساواة شرعا فيما يتمكن كل واحد منهما من الوقاية ، وذلك فيما سوى الطعام والكسوة والإدام . فإن اشترى أحدهما شيئا من ذلك ; كان له خاصة ، وللبائع أن يطالب بالثمن أيهما شاء ; لأن المشتري باشر سبب الالتزام ، والآخر كفل عنه ما لزمه بالشراء بسبب الشركة . فإذا أداه أحدهما من مال الشركة ; رجع المؤدي على المشتري بقدر حصته من ذلك ، لأن الثمن كان عليه خاصة ، وقد قضي من مال الشركة . وإن وكل ما اشترى أحد المتفاوضين من التجارة ، وغيرها فهو بينه وبين شريكه ; فقد وقعت الفرقة لجحوده ، لأن كل واحد منهما ينفرد بفسخ الشركة بمحضر من صاحبه ، فجحوده يكون فسخا ; لأنه ينفي بالجحود عقد الشركة بينهما فيما مضى . ومن ضرورة ذلك بعينه في الحال ، وهو ضامن لنصف جميع ما في يده إذا قامت البينة على المفاوضة ; لأنه كان أمينا في نصيب صاحبه . فبالجحود يصير ضامنا - كالمودع إذا جحد الوديعة - . وكذلك لو جحد وارثه بعد موته ; لأن نصيب الآخر في يد وارث الميت أمانة ، فبالجحود يصير ضامنا . فإن ماتا وأوصى كل واحد منهما إلى رجل فوصي كل واحد منهما يطالب بما ولى موصيه مبايعته ; لأنه قائم مقام الموصي ، وقد انقطعت الشركة بموتهما ، ولا يطالب بالدين إلا من هو قائم مقام الذي ولي المبايعة . فإذا قبضه فلا ضمان عليه في ذلك ، ولا على الورثة بعد أن يكونوا مقرين بالمفاوضة ، كما لو كان الموصي قبض بنفسه ، وهو مقر بالمفاوضة ، كان أمينا في نصيب صاحبه . كانت الأشياء في يد أحدهما فجحد المفاوضة