. ( قال ) : يحلف لكل واحد منهما ; لأن كل واحد منهما يدعي عليه أنه أودعه الأمة بعينها ، وهو منكر لذلك ، إنما أقر بإيداع أحدهما بغير عينه منه ، والمنكر غير المعين ; فلهذا يحلف لكل واحد منهما . وتمام بيان المسألة في كتاب الإقرار . وإنما أورد المسألة هنا لبيان خلاف ( رجلان ) ادعى كل واحد منهما أمة في يد رجل أنه أودعها إياه ، وقال المستودع : ما أدري لأيكما هي ، غير أني أعلم أنها لأحدكما في فصل ، وهو أنه إذا أبى أن يحلف لهما ، فإنه يدفع الأمة إليهما ، ويغرم قيمتها بينهما نصفين . وعند ابن أبي ليلى يردها عليهما ، ولا شيء عليه سوى ذلك ، وهو - بناء على ما بينا - أن التجهيل غير موجب للضمان على المودع . " وعندنا " : التجهيل موجب للضمان عليه ، وقد صار مجهلا في حق كل واحد منهما ، فيصير ضامنا ، ثم بنكوله صار مقرا لكل واحد منهما أنه أخذ جميعها منه ، وإنما رد على كل واحد منهما نصفها ، فيصير ضامنا لكل واحد منهما ما بقي من حقه ، وذلك بأن يغرم قيمتها بينهما . ابن أبي ليلى
ألا ترى أنه لو قال : هذا استودعنيها ، ثم قال : أخطأت ، بل هو هذا ، كان عليه أن يدفعها إلى الأول ; لأن إقراره له بها صحيح ، ورجوعه بعد ذلك باطل ، ويضمن للآخر قيمتها ; لإقراره أنها للثاني ، وأنه صار مستهلكا على الثاني بإقراره بها للأول ; فيكون ضامنا له قيمتها . وهذا إذا دفعها إلى الأول بغير قضاء [ ص: 132 ] القاضي ، وكذلك إن كان دفعها بقضاء القاضي في قول . وفي قول محمد رحمه الله تعالى لا يكون ضامنا ; لأن بمجرد إقراره لم يفت على الثاني شيء ، وإنما الفوات بالدفع إلى الأول ، وقد كان بقضاء القاضي ، ولكن أبي يوسف - رحمه الله - يقول هو الذي سلط القاضي على القضاء بها للأول بإقراره قد أقر أنه مودع فيها من الثاني ، والمودع إذا سلط الغير على أخذ الوديعة يصير ضامنا للمودع . محمد