( وإذا ) : فهو ضامن حتى يقر المودع بوصولها إليه " عندنا " . ( قال ) قال : بعثت بها إليك مع أجنبي رحمه الله : لا ضمان عليه ، وهذا بناء على أن " عنده " للمودع أن يودع غيره ; لأنه يحفظ الوديعة على الوجه الذي يحفظ ماله ، وقد يودع الإنسان مال نفسه من أجنبي ، فكذلك له أن يودع الوديعة من غيره ; فلا يصير ضامنا بالدفع إلى غيره ليحفظ ، أو يرد - كما في حق من في عياله - " وعندنا " ابن أبي ليلى ; لأن الحفظ يتفاوت فيه الناس ، والمودع إنما رضي بحفظه وأمانته دون غيره ، فإذا [ ص: 114 ] دفع إلى أجنبي ، فقد صار تاركا للحفظ الذي التزمه ، مستحفظا عليه من استحفظ منه ; فيكون ضامنا ، بخلاف من في عياله : فإن المودع هو الحافظ له بيد من في عياله ; لأن من في عياله في يده ، فما في يد من في عياله كذلك . : ليس للمودع أن يودع غيره
فأما إذا دفع إلى أجنبي : لا يكون هو حافظا له ، بل الأجنبي هو الحافظ له ، والمودع لم يرض بهذا ; فيكون ضامنا حتى يقر المودع بوصولها إليه ، فإذا أقر بذلك برئ عن الضمان بوصول المال إلى يد صاحبه - كما يبرأ الغاصب بوصول المغصوب إلى يد صاحبه - . وكذلك العارية - في جميع ذلك - ; لأنها أمانة كالوديعة . وفي هذا بيان أن المستعير ليس له أن يودع أجنبيا كالمودع ، وقد قال بعض مشايخنا رحمهم الله : له ذلك ; لأن للمستعير أن يعير فيما لا تتفاوت الناس في الانتفاع به . وفي الإعارة إيداع وزيادة ، ولكن الأول أصح ; لأن المستعير " عندنا " مالك للمنفعة ، فإعاراته من الغير تصرف فيما هو مملوك له - وهو المنفعة - ثم يتعدى تسليمه إلى العين حكما ; لتصرفه في ملك نفسه ، فلا يكون موجبا للضمان عليه .
فأما إيداعه من الغير فهو تصرف في العين ، ولا حق له في العين ، فيكون موجبا للضمان عليه كالإيداع من المودع .