( 7597 ) فصل : تنقسم قسمين ; صحيح ; مثل أن يشترط عليهم مالا ، أو معونة المسلمين عند حاجتهم إليهم ، أو والشروط في عقد الهدنة فهذا يصح . وقال أصحاب يشترط لهم أن يرد من جاءه من الرجال مسلما أو بأمان . : لا يصح شرط رد المسلم ، إلا أن يكون له عشيرة تحميه وتمنعه . الشافعي
ولنا ، { الحديبية ، ووفى لهم به ، فرد أبا جندل وأبا بصير } ، ولم يخص بالشرط ذا العشيرة ، ولأن ذا العشيرة إذا كانت عشيرته هي التي تفتنه وتؤذيه ، فهو كمن لا عشيرة له ، لكن لا يجوز هذا الشرط إلا عند شدة الحاجة إليه ، وتعين المصلحة فيه ، ومتى شرط لهم ذلك ، لزم الوفاء به ، بمعنى أنهم إذا جاءوا في طلبه ، لم يمنعهم أخذه ، ولا يجبره الإمام على المضي معهم . أن النبي صلى الله عليه وسلم شرط ذلك في صلح
وله أن يأمره سرا بالهرب منهم ، ومقاتلتهم { أبا بصير لما جاء [ ص: 242 ] النبي صلى الله عليه وسلم وجاء الكفار في طلبه ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : إنا لا يصلح في ديننا الغدر ، وقد علمت ما عاهدناهم عليه ، ولعل الله أن يجعل لك فرجا ومخرجا . فلما رجع مع الرجلين ، قتل أحدهما في طريقه ، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، قد أوفى الله ذمتك ، قد رددتني إليهم ، فأنجاني الله منهم . فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلمه ، بل قال : ويل أمه مسعر حرب ، لو كان معه رجال ، } فلما سمع ذلك ، فإن أبو بصير ، لحق بساحل البحر ، وانحاز إليه أبو جندل بن سهيل ومن معه من المستضعفين بمكة ، فجعلوا لا تمر عليهم عير لقريش إلا عرضوا لها ، فأخذوها ، وقتلوا من معها ، فأرسلت قريش ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم ، أن يضمهم إليه ، ولا يرد إليهم أحدا جاءه ، ففعل . فيجوز حينئذ لمن أسلم من الكفار أن يتحيزوا ناحية ، ويقتلون من قدروا عليه من الكفار ، ويأخذون أموالهم ، ولا يدخلون في الصلح .
وإن ضمهم الإمام إليه بإذن الكفار ، دخلوا في الصلح ، وحرم عليهم قتل الكفار وأموالهم وروي عن ، رضي الله عنه أنه لما جاء عمر بن الخطاب أبو جندل إلى النبي هاربا من الكفار ، يرسف في قيوده ، قام إليه أبوه فلطمه ، وجعل يرده ، قال : فقمت إلى جانب عمر أبي جندل ، فقلت : إنهم الكفار ، وإنما دم أحدهم دم كلب . وجعلت أدني منه قائم السيف لعله أن يأخذه ، فيضرب به أباه ، قال : فضن الرجل بأبيه .
الثاني ، شرط فاسد ، مثل أن يشترط رد النساء ، أو مهورهن ، أو رد سلاحهم ، أو إعطاءهم شيئا من سلاحنا ، أو من آلات الحرب ، أو يشترط لهم مالا في موضع لا يجوز بذله ، أو يشترط نقضها متى شاءوا ، أو أن لكل طائفة منهم نقضا ، أو يشترط رد الصبيان ، أو رد الرجال ، مع عدم الحاجة إليه .
فهذه كلها شروط فاسدة ، لا يجوز الوفاء بها . وهل يفسد العقد بها ؟ على وجهين ، بناء على الشروط الفاسدة في البيع ، إلا فيما إذا شرط أن لكل واحد منهم نقضها متى شاء ، فينبغي أن لا تصح وجها واحدا ، لأن طائفة الكفار يبنون على هذا الشرط ، فلا يحصل الأمن منهم ، ولا أمنهم منا ، فيفوت معنى الهدنة . وإنما لم يصح شرط رد النساء ; لقول الله تعالى : { إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات } إلى قوله : { فلا ترجعوهن إلى الكفار } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله منع الصلح في النساء } .
وتفارق المرأة الرجل من ثلاثة أوجه ; أحدها أنها لا تأمن من أن تزوج كافرا يستحلها ، أو يكرهها من ينالها ، وإليه أشار الله تعالى بقوله : { لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } . الثاني ، أنها ربما فتنت عن دينها ; لأنها أضعف قلبا ، وأقل معرفة من الرجل . الثالث ، أن المرأة لا يمكنها في العادة الهرب والتخلص ، بخلاف الرجل .
ولا يجوز ; لأنهم بمنزلة المرأة في الضعف في العقل والمعرفة ، والعجز عن التخلص والهرب . فأما رد الصبيان العقلاء إذا جاءوا مسلمين ، لأنه ليس بمسلم . الطفل الذي لا يصح إسلامه ، فيجوز رده