عن بلفظ : { أبي هريرة فيما يقول ، فقد كفر بما أنزل على من أتى حائضا ، أو امرأة في دبرها ، أو [ ص: 370 ] كاهنا فصدقه محمد }. قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديث حكيم ، وقال : لا يعرف البخاري لأبي تميمة سماع من . أبي هريرة
وقال : هذا حديث منكر ، البزار وحكيم لا يحتج به ، وما انفرد به فليس بشيء ، وله طريق ثالث أخرجها من رواية النسائي ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، قال أبي هريرة حمزة الكناني الراوي عن : هذا حديث منكر ، ولعل النسائي عبد الملك بن محمد الصنعاني سمعه من سعيد بن عبد العزيز بعد اختلاطه ، قال : وهو باطل من حديث ، والمحفوظ عن الزهري ، عن الزهري أنه كان ينهى عن ذلك ، انتهى . أبي سلمة
وعبد الملك قد تكلم فيه دحيم ، وأبو حاتم ، وغيرهما ، وله طريق رابعة أخرجها أيضا من طريق النسائي بكر بن خنيس ، عن ، عن ليث ، عن مجاهد بلفظ : { أبي هريرة }. من أتى شيئا من الرجال أو النساء في الأدبار ، فقد كفر وبكر ، وليث ضعيفان ، وقد رواه ، عن الثوري بهذا السند موقوفا ، ولفظه : " إتيان الرجال والنساء في أدبارهن كفر " . وكذا أخرجه ليث ، عن أحمد ، عن إسماعيل ، ليث والهيثم بن خلف في كتاب ذم اللواط من طريق ، عن محمد بن فضيل ، وفي رواية : " من أتى امرأته في دبرها فتلك كفرة " . وله طريق خامسة رواها ليث عبد الله بن عمر بن أبان ، عن ، عن مسلم بن خالد الزنجي العلاء ، عن أبيه ، عن بلفظ : { أبي هريرة }. ملعون من أتى النساء في أدبارهن فيه ضعف ، وقد رواه ومسلم يزيد بن أبي حكيم عنه موقوفا . وفي الباب عن أخرجه ابن عباس الترمذي ، ، والنسائي ، وابن حبان ، وأحمد ، من طريق والبزار ، عن كريب ، قال ابن عباس : لا نعلمه [ ص: 371 ] يروي عن البزار بإسناد أحسن من هذا ، تفرد به ابن عباس ، عن أبو خالد الأحمر الضحاك بن عثمان ، عن ، عن مخرمة بن سليمان ، وكذا قال كريب ابن عدي ، ورواه ، عن النسائي ، عن هناد ، عن وكيع الضحاك موقوفا ، وهو أصح عندهم من المرفوع . وعن : طريق أخرى موقوفة رواها ابن عباس ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبيه : " أن رجلا سأل ابن طاوس عن إتيان المرأة في دبرها ، فقال : تسألني عن الكفر " . وأخرجه ابن عباس من رواية النسائي ، عن ابن المبارك ، وإسناده قوي ، وسيأتي له طريق أخرى بعد قليل . معمر
وفي الباب أيضا عن علي بن طلق ، أخرجه الترمذي ، ، والنسائي ، بلفظ : { وابن حبان }. وعن إن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أعجازهن ، عن أبيه ، عن جده أخرجه عمرو بن شعيب بلفظ : " سئل عن الرجل يأتي المرأة في دبرها ، فقال : هي اللوطية الصغرى " . وأخرجه [ ص: 372 ] أحمد أيضا وأعله ، والمحفوظ عن النسائي من قوله ، كذا أخرجه عبد الله بن عمرو ، وغيره ، وعن عبد الرزاق أخرجه أنس الإسماعيلي في معجمه ، وفيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف . وعن : في جزء أبي بن كعب بإسناد ضعيف جدا ، وعن الحسن بن عرفة عند ابن مسعود ابن عدي بإسناد واه ، وعن عند عقبة بن عامر وفيه أحمد ، وعن ابن لهيعة أخرجه عمر ، النسائي من طريق والبزار زمعة بن صالح ، عن ، عن أبيه ، عن ابن طاوس ابن الهاد ، عن ، وزمعة ضعيف ، وقد اختلف عليه في وقفه ورفعه . عمر
قوله : وحكى ابن عبد الحكم عن أنه قال : لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريمه ولا في تحليله شيء ، والقياس أنه حلال ، قلت : هذا سمعه الشافعي ابن أبي حاتم من محمد ، وكذلك ، وأخرجه عنه الطحاوي ابن أبي حاتم في مناقب له ، وأخرجه الشافعي في مناقب الحاكم ، عن الشافعي الأصم ، عنه ، وأخرجه ، عن الخطيب أبي سعيد بن موسى ، عن الأصم .
وروى ، عن الحاكم نصر بن محمد المعدل ، عن الفقيه ، قال : ثنا محمد بن القاسم بن شعبان الحسن بن عياض ، ومحمد بن أحمد بن حماد قالا : نا ، قال : قال محمد بن عبد الله يعنيان ابن عبد الحكم كلاما كلم به الشافعي في مسألة محمد بن الحسن ، قال : سألني إتيان المرأة في دبرها ، فقلت له : إن كنت تريد المكابرة ، وتصحيح الروايات وإن لم تصح ، فأنت أعلم ، وإن تكلمت بالمناصفة ، كلمتك ، قال : على المناصفة . محمد بن الحسن
قلت : فبأي شيء حرمته قال : بقول الله عز وجل : { فأتوهن من حيث أمركم الله }.
وقال : { فأتوا حرثكم أنى شئتم }والحرث لا يكون إلا في الفرج ، قلت : أفيكون ذلك محرما لما سواه ؟ قال : نعم ، قلت : فما تقول : لو وطئها بين [ ص: 373 ] ساقيها ، أو في أعكانها ، أو تحت إبطها ، أو أخذت ذكره بيدها ، أفي ذلك حرث ؟ قال : لا ، قلت : أفيحرم ذلك ؟ قال : لا ، قلت : فلم تحتج بما لا حجة فيه ؟ قال : فإن الله قال : { والذين هم لفروجهم حافظون }الآية ، قال : فقلت له : إن هذا مما يحتجون به للجواز ، إن الله أثنى على من حفظ فرجه من غير زوجته ، وما ملكت يمينه ، فقلت : أنت تتحفظ من زوجته ومما ملكت يمينه . قال : لعل الحاكم كان يقول بذلك في القديم ، فأما في الجديد فالمشهور أنه حرمه . الشافعي
قوله : قال الربيع : كذب والله الذي لا إله إلا هو ، قد نص على تحريمه في ستة كتب ، هذا سمعه الشافعي أبو العباس الأصم من الربيع ، وحكاه عنه جماعة ، منهم الماوردي في الحاوي ، وأبو نصر بن الصباغ في الشامل ، وغيرهما ، وتكذيب الربيع لمحمد لا معنى له ; لأنه لم ينفرد بذلك ، فقد تابعه عبد الرحمن بن عبد الله أخوه عن ، أخرجه الشافعي أحمد بن أسامة بن أحمد بن أبي السمح المصري ، عن أبيه ، قال : سمعت عبد الرحمن . فذكر نحوه عن ، وأخرج الشافعي ، عن الحاكم الأصم ، عن الربيع ، قال : قال : قال الله : { الشافعي نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم }احتملت الآية معنيين : أحدهما : أن تؤتى المرأة من حيث شاء زوجها ; لأن ( أنى شئتم } ، يأتي بمعنى أين شئتم . ثانيهما : أن الحرث إنما يراد به النبات في موضعه دون ما سواه ، فاختلف أصحابنا في ذلك ، وأحسب كلا من الفريقين تأولوا ما وصفت من احتمال الآية ، قال : فطلبنا الدلالة من السنة ، فوجدنا حديثين مختلفين ، أحدهما ثابت وهو حديث خزيمة في التحريم ، قال ، فأخذنا به .
قوله : وفي مختصر الجويني أن بعضهم أقام ما رواه ، أي ابن عبد الحكم ، قولا ، انتهى . وإن كان كذلك فهو قول قديم ، وقد رجع عنه كما قال الشافعي الربيع ، وهذا أولى من إطلاق الربيع تكذيب ، فإنه لا خلاف في ثقته وأمانته ، وإنما اغتر محمد بن عبد الله بن عبد الحكم محمد بكون قص له القصة التي وقعت له بطريق المناظرة بينه وبين الشافعي ، ولا شك أن العالم في المناظرة يتقذر القول وهو لا يختاره ، فيذكر أدلته إلى أن ينقطع خصمه ، وذلك غير مستنكر في المناظرة ، والله أعلم . [ ص: 374 ] محمد بن الحسن
قوله : وروي عن ، وقال بعد ذلك : ويعلم قوله الإتيان في الدبر بالميم ، لما روي عن مالك قال : وأصحابه مالك العراقيون لم يثبتوا الرواية ، انتهى . قرأت في رحلة أنه نقل ذلك من كتاب المحيط للشيخ ابن الصلاح أبي محمد الجويني قال : وهو مذهب ، وقد رجع متأخرو أصحابه عن ذلك ، وأفتوا بتحريمه ، إلا أن مذهبه أنه حلال ، قال : وكان عندنا قاض يقال له : مالك أبو وائلة ، وكان يرى بجوازه ، فرفعت إليه امرأة وزوجها ، واشتكت منه أنه يطلب منها ذلك ، فقال : قد ابتليت ، وقال في تعليقه : نص في كتاب السر عن القاضي أبو الطيب على إباحته ، ورواه عنه أهل مالك مصر ، وأهل المغرب .
قلت . وكتاب السر وقفت عليه في كراسة لطيفة من رواية ، عن الحارث بن مسكين ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، وهو يشتمل على نوادر من المسائل ، وفيها كثير مما يتعلق بالخلفاء ، ولأجل هذا سمي كتاب السر ، وفيه هذه المسألة ، وقد رواه مالك أحمد بن أسامة التجيبي وهذبه ، ورتبه على الأبواب ، وأخرج له أشباها ونظائر في كل باب .
وروى فيه من طريق ، سألت معن بن عيسى عنه فقال . ما أعلم فيه تحريما . مالكا
وقال في كتاب البيان والتحصيل في شرح العتبية : روى ابن رشد عن العتبي ابن القاسم ، عن أنه قال له ، وقد سأله عن ذلك مخليا به ، فقال . حلال ليس به بأس . مالك
قال ابن القاسم : ولم أدرك أحدا اقتدي به في دين يشك فيه ، والمدنيون يروون الرخصة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، يشير بذلك إلى ما روي عن ، ابن عمر ، أما حديث وأبي سعيد : فله طرق رواه عنه ابن عمر ، نافع وعبيد الله بن عبد الله بن عمر ، ، وزيد بن أسلم وسعيد بن يسار ، وغيرهم ، أما ، فاشتهر عنه من طرق كثيرة جدا ، منها رواية نافع ، مالك وأيوب ، وعبيد الله بن عمر العمري ، ، وابن أبي ذئب ، وعبد الله بن عون ، وهشام بن سعد وعمر بن محمد بن زيد ، ، وعبد الله بن نافع وأبان بن صالح ، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة . قال ، في أحاديث الدارقطني التي رواها خارج الموطأ : نا مالك أبو جعفر الأسواني المالكي بمصر ، نا محمد بن أحمد بن حماد ، نا أبو الحارث أحمد بن سعيد الفهري ، [ ص: 375 ] نا أبو ثابت محمد بن عبيد الله ، حدثني الدراوردي ، عن عبيد الله بن عمر بن حفص ، عن ، قال : قال لي نافع : أمسك علي المصحف يا نافع ، فقرأ حتى أتى على هذه الآية { ابن عمر نساؤكم حرث لكم }فقال : تدري يا ، فيمن أنزلت هذه الآية ؟ . قال : قلت : لا . قال : فقال لي : في رجل من نافع الأنصار أصاب امرأته في دبرها ، فأعظم الناس ذلك فأنزل الله تعالى { نساؤكم حرث لكم }الآية . قال : فقلت نافع : من دبرها في قبلها ؟ قال : لا ، إلا في دبرها ، لابن عمر
قال أبو ثابت : وحدثني به الدراوردي ، عن ، مالك وفيهما عن وابن أبي ذئب مثله ، وفي تفسير البقرة من صحيح نافع ، نا البخاري إسحاق ، أنا النضر ، أنا ابن عون ، عن قال : كان نافع إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه ، قال : فأخذت عليه يوما ، فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان ، فقال : تدري فيم أنزلت ؟ فقلت : لا . قال : نزلت في كذا وكذا . ثم مضى ، وعن ابن عمر عبد الصمد : حدثني أبي - يعني عبد الوارث - ، حدثني أيوب ، عن ، عن نافع في قوله تعالى: { ابن عمر نساؤكم حرث لكم }قال : يأتيها في . . . .
قال : ورواه محمد بن يحيى بن سعيد ، عن أبيه ، عن ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع هكذا وقع عنده ، والرواية الأولى في تفسير ابن عمر مثل ما ساق ، لكن عين الآية وهي { إسحاق بن راهويه نساؤكم حرث لكم }وغير قوله كذا وكذا فقال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن ، وكذا رواه الطبري من طريق ابن علية ، عن ابن عون ، وأما رواية عبد الصمد فهي تفسير إسحاق أيضا عنه .
وقال فيه : يأتيها في الدبر ، وأما رواية محمد فأخرجها في الأوسط عن الطبراني علي بن سعيد ، عن أبي بكر الأعين ، عن محمد بن يحيى بن سعيد بلفظ : إنما نزلت { نساؤكم حرث لكم }رخصة في إتيان الدبر ، وأخرجه في تاريخه من طريق الحاكم عيسى بن مثرود ، عن ، ومن طريق عبد الرحمن بن القاسم ، عن سهل بن عمار ، ورواه عبد الله بن نافع في غرائب الدارقطني من طريق مالك ، عن زكريا الساجي محمد بن الحارث المدني ، عن ، ورواه أبي مصعب في الرواة عن الخطيب من طريق مالك أحمد بن الحكم العبدي ، ورواه أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره ، أيضا من طريق والدارقطني إسحاق بن محمد الفروي ، ورواه أبو نعيم في [ ص: 376 ] تاريخ أصبهان من طريق محمد بن صدقة الفدكي كلهم عن . مالك
قال : هذا ثابت عن الدارقطني . وأما مالك فروى زيد بن أسلم ، النسائي والطبري من طريق أبي بكر بن أبي أويس ، عن ، عنه ، عن سليمان بن بلال : { ابن عمر }. أن رجلا أتى امرأته في دبرها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجد من ذلك وجدا شديدا
فأنزل الله عز وجل { نساؤكم حرث لكم }الآية ، وأما عبيد الله بن عبد الله بن عمر : فروى من طريق النسائي يزيد بن رومان عنه : أن كان لا يرى به بأسا ، موقوف ، وأما ابن عمر سعيد بن يسار : فروى ، النسائي ، والطحاوي والطبري من طريق ، قال : قلت عبد الرحمن بن القاسم : إن عندنا لمالك بمصر يحدث عن الليث بن سعد الحارث بن يعقوب ، عن سعيد بن يسار قال : قلت : " إنا نشتري الجواري فنحمض لهن " . والتحميض الإتيان في الدبر ، فقال : أف أو يفعل هذا مسلم ، قال لابن عمر ابن القاسم : فقال لي : أشهد على مالك ربيعة لحدثني ، عن سعيد بن يسار أنه سأل عنه ، فقال : لا بأس به . ابن عمر
وأما حديث : فروى أبي سعيد أبو يعلى وابن مردويه في تفسيره ، والطبري من طرق ، عن والطحاوي ، عن عبد الله بن نافع ، [ ص: 377 ] عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار : " أن رجلا أصاب امرأة في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه ، وقالوا : ثفرها " . فأنزل الله عز وجل { أبي سعيد الخدري نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم }.
ورواه أسامة بن أحمد التجيبي من طريق يحيى بن أيوب ، عن ولفظه : كنا نأتي النساء في أدبارهن ، ويسمى ذلك الإثفار ، فأنزل الله الآية . ورواه من طريق هشام بن سعد ، عن معن بن عيسى هشام ، ولم يسم قال : كان رجال من أبا سعيد الأنصار ، قلت : وقد أثبت الرواية في ذلك عن ابن عباس ، وأنكر عليه في ذلك ، وبين أنه أخطأ في تأويل الآية ، فروى ابن عمر أبو داود من طريق ، عن محمد بن إسحاق أبان بن صالح ، عن ، عن مجاهد قال : إن ابن عباس والله يغفر له أوهم ، إنما كان هذا الحي من ابن عمر الأنصار وهم أهل وثن ، مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب ، وكانوا يرون لهم فضلا عليهم من العلم ، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم ، وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف ، وذلك أستر ما تكون المرأة ، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم ، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ، ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل امرأة من الأنصار ، فذهب يصنع بها ذلك ، فأنكرته عليه ، وقالت : إنما كنا نؤتى على حرف ، فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني ، فسرى أمرهما حتى بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : - { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم }أي : مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد . وله شاهد من حديث . أم سلمة
قال الإمام ، نا أحمد ، نا عفان وهيب ، نا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عبد الرحمن بن سابط قال : دخلت على حفصة ابنة عبد الرحمن فقلت : إني [ ص: 378 ] سائلك عن أمر ، وأنا أستحي أن أسألك ، قالت : فلا تستحي يا ابن أخي ، قال : عن إتيان النساء ، وكانت اليهود تقول : إنه من جبى امرأته كان ولده أحول ، فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار فجبوهن ، فأبت امرأة أن تطيع زوجها ، وقالت : لن تفعل ذلك ، حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخلت على فذكرت لها ذلك ، فقالت : اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، استحيت الأنصارية أن تسأله ، فخرجت ، { أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ادعي الأنصارية . فدعيت فتلا عليها هذه الآية : { أم سلمة نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم }صماما واحدا }. فحدثت
( تنبيه ) :
روى من طريق النسائي ، عن بكر بن مضر يزيد بن الهاد ، عن عثمان بن كعب القرظي ، عن : أن رجلا سأله عن المرأة تؤتى في دبرها فقال : إن محمد بن كعب القرظي كان يقول : اسق حرثك من حيث نباته . كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها من حيث شئت . ابن عباس
وكذا رواه الفضل بن حنزابة ، عن محمد بن موسى المأموني ، عن ، والأول أشبه بمذهب النسائي . ابن عباس
وروى : أن سبب نزول الآية المذكورة : أن جابر اليهود كانت تقول : إذا أتى الرجل امرأته من خلفها في قبلها ، جاء الولد أحول ، فأنزل الله تعالى ، أخرجه الشيخان في الصحيحين وغيرهما ، وفي رواية آدم ، عن ، عن شعبة ، سمعت محمد بن المنكدر يقول في قول الله عز وجل : { جابر بن عبد الله فأتوا حرثكم أنى شئتم }قال : قالت اليهود : إذا أتى الرجل امرأته باركة ، كان الولد أحول ، فأكذبهم الله عز وجل فأنزل : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم }يقول : كيف شئتم في الفرج ، يريد بذلك موضع الولد للحرث ، يقول : ائت الحرث كيف شئت ، ومن قوله يقول : كيف شئتم ، يحمل أن يكون من ذلكم جائزا ومن دونه [ ص: 379 ]
( فائدة ) :
ما تقدم نقله عن المالكية ، لم ينقل عن أصحابهم إلا عن ناس قليل ، قال : كان القاضي القاضي عياض أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي يجيزه ويذهب فيه إلى أنه غير محرم ، وصنف في إباحته ، محمد بن سحنون ، ونقلا ذلك عن جمع كثير من التابعين . ومحمد بن شعبان
وفي كلام ابن العربي والمازري ما يومئ إلى جواز ذلك أيضا ، وحكى ابن بزيزة في تفسيره ، عن أنه كان يقول : هو أحل من الماء البارد ، وأنكره كثير منهم أصلا وقال عيسى بن دينار في تفسيره ، القرطبي وابن عطية قبله : لا ينبغي لأحد أن يأخذ بذلك ، ولو ثبتت الرواية فيه لأنها من الزلات .
وذكر الخليلي في الإرشاد عن ابن وهب أن رجع عنه ، وفي مختصر مالكا ، عن ابن الحاجب ابن وهب ، عن إنكار ذلك ، وتكذيب من نقله عنه ، لكن الذي روى ذلك عن مالك ابن وهب غير موثوق به . والصواب ما حكاه الخليلي فقد ذكر الطبري ، عن ، عن يونس بن عبد الأعلى ابن وهب ، عن أنه أباحه ، روى مالك الثعلبي في تفسيره من طريق قال : كنت عند المزني ابن وهب وهو يقرأ علينا رواية فجاءت هذه المسألة ، فقام رجل فقال : يا مالك أبا محمد ارو لنا ما رويت ، فامتنع أن يروي لهم ذلك ، وقال : أحدكم يصحب العالم ، فإذا تعلم منه لم يوجب له من حقه ما يمنعه من أقبح ما يروى عنه ، وأبى أن يروي ذلك .
وروي عن كراهته ، وتكذيب من نقله عنه من وجه آخر ، أخرجه مالك الخطيب في الرواة عن من طريق مالك إسماعيل بن حصن ، عن إسرائيل بن روح ، قال : سألت عنه ، فقال : ما أنتم قوم عرب ، هل يكون الحرث إلا موضع الزرع ؟ قلت : يا مالكا إنهم يقولون ذلك ، قال : يكذبون علي ، والعهدة في هذه الحكاية على أبا عبد الله فإنه واهي الحديث . إسماعيل
وقد روينا في علوم الحديث للحاكم قال : نا أبو العباس محمد بن يعقوب ، نا العباس بن الوليد البيروتي ، نا أبو عبد الله بشر بن بكر ، سمعت الأوزاعي يقول : يجتنب ، أو يترك من قول أهل الحجاز خمس ، ومن قول أهل العراق خمس ، من أقوال أهل الحجاز : استماع الملاهي ، والمتعة ، وإتيان النساء في أدبارهن ، والصرف ، والجمع بين الصلاتين بغير عذر ، ومن أقوال أهل العراق : شرب النبيذ ، وتأخير العصر حتى يكون ظل الشيء أربعة أمثاله ، ولا جمعة إلا في سبعة أمصار ، والفرار من [ ص: 380 ] الزحف ، والأكل بعد الفجر في رمضان .
وروى ، عن عبد الرزاق قال : لو أن رجلا أخذ بقول أهل معمر المدينة : في استماع الغناء ، وإتيان النساء في أدبارهن ، وبقول أهل مكة : في المتعة ، والصرف ، وبقول أهل الكوفة : في المسكر ، كان شر عباد الله ، وقال أحمد بن أسامة التجيبي : نا أبي ، سمعت الربيع بن سليمان الجيزي يقول : أنا ; قال : سئل أصبغ ابن القاسم عن هذه المسألة وهو في الجامع ، فقال : لو جعل لي ملء هذا المسجد ذهبا ما فعلته ، قال : ونا أبي سمعت يقول : سألت الحارث بن مسكين ابن القاسم عنه فكرهه لي . قال : وسأله غيري فقال : كرهه . مالك
. . .