باب القول في أفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=treesubj&link=21392_21397لا يخلو فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن يكون قربة أو ليس بقربة ، فإن لم يكن قربة فهو يدل على الإباحة ، كما :
346 - أنا
أبو القاسم : عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج ، أنا
بشر بن أحمد الإسفراييني ، أنا
إبراهيم بن علي الذهلي ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=12374إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13145عبد الله بن جعفر ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660814nindex.php?page=treesubj&link=21390_18354_33226_33231_33225رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يأكل القثاء بالرطب " .
وليس تخلو سنة رويت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فائدة أو فوائد ، ففي هذا الحديث من الفوائد : أن قوما ممن سلك طريق الصلاح والتزهد قالوا : لا يحل للآكل أن يأكل تلذذا ، ولا على سبيل التشهي والإعجاب ، ولا يأكل إلا ما لا بد منه إلا لإقامة الرمق ، فلما جاء هذا الحديث سقط قول هذه الطائفة ، وصلح أن يأكل الأكل تشهيا وتفكها وتلذذا
[ ص: 350 ] .
وقالت طائفة من هؤلاء القوم أيضا : إنه ليس لأحد أن يجمع بين شيئين من الطعام ، ولا بين أدمين على خوان ، فكان هذا الحديث يرد على صاحب هذا القول ، ويبيح أن يجمع الإنسان بين لونين من الطعام ، وبين أدمين وأكثر .
وكل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأفعال التي ليست قربات ، نحو الشرب واللباس ، والقعود والقيام ، فكل ذلك يدل على الإباحة .
وأما إن كان فعل قربة : فلا يخلو من أن يكون بيانا لغيره ، أو ابتداء من غير سبب ، فإن كان بيانا لغيره ، فحكمه مأخوذ من المبين ، فإن كان المبين واجبا ، كان البيان واجبا ، وإن كان المبين ندبا ، كان البيان ندبا .
وإن كان فعلا مبتدا ، من غير سبب ففيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه على الوجوب ، إلا أن يدل الدليل على غيره .
والثاني : أنه على الندب ، إلا أن يدل الدليل أنه على الوجوب .
والثالث : أنه على الوقف ، فلا يحمل على الوجوب ولا على الندب إلا بدليل ، وهو الأصح ، لأن الفعل لا يعلم على أي وجه فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فيحتمل أن يكون فعله واجبا ويحتمل أن يكون ندبا أو إباحة ، ويحتمل أن يكون مخصوصا به دون أمته ، وإذا لم يعلم على أي وجه أوقعه وجب التوقف فيه ، حتى يدل الدليل .
وإذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا ، وعرف أنه فعله على وجه الوجوب
[ ص: 351 ] أو الندب ، كان ذلك شرعا لنا ، إلا أن يدل الدليل على تخصيصه بذلك ، والحجة فيه قول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) ، ولأن الصحابة كانوا يرجعون فيما أشكل عليهم إلى أفعاله - صلى الله عليه وسلم - ، فيقتدون به فيها ، فدل على أنها شرع في حق الجميع .
بَابُ الْقَوْلِ فِي أَفْعَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=treesubj&link=21392_21397لَا يَخْلُو فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةٌ أَوْ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةٌ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ ، كَمَا :
346 - أَنَا
أَبُو الْقَاسِمِ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّرَّاجُ ، أَنَا
بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ ، أَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=17342يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=12374إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13145عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660814nindex.php?page=treesubj&link=21390_18354_33226_33231_33225رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ " .
وَلَيْسَ تَخْلُو سُنَّةٌ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ فَوَائِدَ ، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ : أَنَّ قَوْمًا مِمَّنْ سَلَكَ طَرِيقَ الصَّلَاحِ وَالتَّزَهُّدِ قَالُوا : لَا يَحِلُّ لِلْآكِلِ أَنْ يَأْكُلَ تَلَذُّذًا ، وَلَا عَلَى سَبِيلِ التَّشَهِّي وَالْإِعْجَابِ ، وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ إِلَّا لِإِقَامَةِ الرَّمَقِ ، فَلَمَّا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ سَقَطَ قَوْلُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ ، وَصَلُحَ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَ تَشَهِّيًا وَتَفَكُّهًا وَتَلَذُّذًا
[ ص: 350 ] .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَيْضًا : إِنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ ، وَلَا بَيْنَ أَدَمَيْنِ عَلَى خِوَانٍ ، فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِ هَذَا الْقَوْلِ ، وَيُبِيحُ أَنْ يَجْمَعَ الْإِنْسَانُ بَيْنَ لَوْنَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ ، وَبَيْنَ أَدَمَيْنِ وَأَكْثَرَ .
وَكُلُّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَيْسَتْ قُرُبَاتٍ ، نَحْوُ الشُّرْبِ وَاللِّبَاسِ ، وَالْقُعُودِ وَالْقِيَامِ ، فَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ .
وَأَمَّا إِنْ كَانَ فِعْلَ قُرْبَةٍ : فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِغَيْرِهِ ، أَوِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ ، فَإِنْ كَانَ بَيَانًا لِغَيْرِهِ ، فَحُكْمُهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُبَيَّنِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُبَيَّنُ وَاجِبًا ، كَانَ الْبَيَانُ وَاجِبًا ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَيَّنُ نَدْبًا ، كَانَ الْبَيَانُ نَدْبًا .
وَإِنْ كَانَ فِعْلًا مُبْتَدًا ، مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ ، إِلَّا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى غَيْرِهِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ عَلَى النَّدْبِ ، إِلَّا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ أَنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ عَلَى الْوَقْفِ ، فَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا عَلَى النَّدْبِ إِلَّا بِدَلِيلٍ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ، لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُعْلَمُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ وَاجِبًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَدْبًا أَوْ إِبَاحَةً ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِهِ دُونَ أُمَّتِهِ ، وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ أَوْقَعَهُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ فِيهِ ، حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ .
وَإِذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا ، وَعُرِفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ
[ ص: 351 ] أَوِ النَّدْبِ ، كَانَ ذَلِكَ شَرْعًا لَنَا ، إِلَّا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِذَلِكَ ، وَالْحُجَّةُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَرْجِعُونَ فِيمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ إِلَى أَفْعَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَيَقْتَدُونَ بِهِ فِيهَا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا شَرْعٌ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ .