218 - أنا
عبيد الله بن أبي الفتح ، أنا
عمر بن أحمد بن هارون المقرئ ، أنا
عبيد الله بن أحمد بكير ، قال : سمعت
عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، يقول : " قد
nindex.php?page=treesubj&link=29015_21016_28447اختلف الناس في قول الله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=29فما بكت عليهم السماء والأرض ) ، فذهب به قوم مذاهب العرب في قولهم بكت الريح والبرق ، كأنه يريد أن الله حين أهلك فرعون وقومه وأغرقهم ، وأورث منازلهم وجناتهم غيرهم ، لم يبك عليهم باك ، ولم يجزع جازع ، ولم يوجد لهم فقد .
وقال آخرون : أراد فما بكا عليهم أهل السماء ، ولا أهل الأرض ، فأقام السماء والأرض مقام أهلهما ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية ) أي : أهل القرية ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حتى تضع الحرب أوزارها ) ، أي : يضع
[ ص: 217 ] أهل الحرب السلاح " .
قلت : والمجاز في كلام العرب ، يشتمل على فنون : فمنها : الاستعارة ، والتمثيل ، والقلب ، والتقديم والتأخير ، والحذف ، والتكرار ، والإخفاء والإظهار ، والتعريض ، والإفصاح ، والكناية ، والإيضاح ، ومخاطبة الواحد مخاطبة الجميع ، ومخاطبة الجميع مخاطبة الواحد ، وخطاب الواحد والجميع خطاب الاثنين ، والقصد بلفظ الخصوص معنى العموم ، وبلفظ العموم معنى الخصوص ، وبجميع ذلك نزل كتاب الله سبحانه ، وقد صنف
أبو عبيدة معمر بن المثنى كتاب " المجاز في القرآن " ، ورسم العلماء من بعده في ذلك كتبا ، عرفت واشتهرت ، لا يتعذر وجودها على من أرادها ، إن شاء الله .
[ ص: 218 ]
218 - أَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ ، أَنَا
عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ الْمُقْرِئُ ، أَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بُكَيْرٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ ، يَقُولُ : " قَدِ
nindex.php?page=treesubj&link=29015_21016_28447اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=29فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ ) ، فَذَهَبَ بِهِ قَوْمٌ مَذَاهِبَ الْعَرَبِ فِي قَوْلِهِمْ بَكَتِ الرِّيحُ وَالْبَرْقُ ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ اللَّهَ حِينَ أَهْلَكَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ وَأَغْرَقَهُمْ ، وَأَوْرَثَ مَنَازِلَهُمْ وَجَنَّاتِهِمْ غَيْرَهُمْ ، لَمْ يَبْكِ عَلَيْهِمْ بَاكٍ ، وَلَمْ يَجْزَعْ جَازِعٌ ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمْ فَقْدٌ .
وَقَالَ آخَرُونَ : أَرَادَ فَمَا بَكَا عَلَيْهِمْ أَهْلُ السَّمَاءِ ، وَلَا أَهْلُ الْأَرْضِ ، فَأَقَامَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ مَقَامَ أَهْلِهِمَا ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ) أَيْ : أَهْلَ الْقَرْيَةِ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ) ، أَيْ : يَضَعَ
[ ص: 217 ] أَهْلُ الْحَرْبِ السِّلَاحَ " .
قُلْتُ : وَالْمَجَازُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، يَشْتَمِلُ عَلَى فُنُونٍ : فَمِنْهَا : الِاسْتِعَارَةُ ، وَالتَّمْثِيلُ ، وَالْقَلْبُ ، وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ ، وَالْحَذْفُ ، وَالتِّكْرَارُ ، وَالْإِخْفَاءُ وَالْإِظْهَارُ ، وَالتَّعْرِيضُ ، وَالْإِفْصَاحُ ، وَالْكِنَايَةُ ، وَالْإِيضَاحُ ، وَمُخَاطَبَةُ الْوَاحِدِ مُخَاطَبَةَ الْجَمِيعِ ، وَمُخَاطَبَةُ الْجَمِيعِ مُخَاطَبَةَ الْوَاحِدِ ، وَخِطَابُ الْوَاحِدِ وَالْجَمِيعِ خَطَّابَ الِاثْنَيْنِ ، وَالْقَصْدُ بِلَفْظِ الْخُصُوصِ مَعْنَى الْعُمُومِ ، وَبِلَفْظِ الْعُمُومِ مَعْنَى الْخُصُوصِ ، وَبِجَمِيعِ ذَلِكَ نَزَلَ كِتَابُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَقَدْ صَنَّفَ
أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى كِتَابَ " الْمَجَازِ فِي الْقُرْآنِ " ، وَرَسَمَ الْعُلَمَاءَ مِنْ بَعْدِهِ فِي ذَلِكَ كُتُبًا ، عُرِفَتْ وَاشْتَهَرَتْ ، لَا يَتَعَذَّرُ وُجُودُهَا عَلَى مَنْ أَرَادَهَا ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
[ ص: 218 ]