الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1319 [ ص: 214 ] 139 - حدثنا آدم قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء ؟

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن قوله " كل مولود يولد على الفطرة " يشعر بأن أولاد المشركين في الجنة ; لأن قوله في الترجمة " باب ما قيل " يتناول ذلك ولكن لا يدل على ذلك صريحا ، إذ لو دل صريحا ما كان مطابقا للترجمة ، والذي يدل صريحا قد ذكرناه ، وقد مر الكلام في هذا الحديث مبسوطا في باب " إذا أسلم الصبي فمات ، هل يصلى عليه ؟ " ، فإنه أخرجه هناك من طريقين ; الأول عن أبي اليمان عن شعيب عن ابن شهاب ، والثاني عن عبدان عن عبد الله عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ، وهاهنا أخرجه عن آدم بن أبي إياس عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن محمد بن مسلم الزهري ، ونذكر هنا ما فاتنا هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله ( كل مولود ) ; أي من بني آدم ، وصرح به جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ : كل بني آدم يولد على الفطرة . قيل : ظاهره العموم في جميع المولودين ، يدل عليه ما في رواية مسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ : ليس من مولود يولد إلا على هذه الفطرة حتى يعبر عنه لسانه . وفي رواية له : ما من مولود يولد إلا وهو على الملة . وقيل : إنه لا يقتضي العموم ، وإنما المراد أن كل من ولد على الفطرة وكان له أبوان على غير الإسلام نقلاه إلى دينهما ، فتقدير الخبر على هذا : كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهوديان مثلا فإنهما يهودانه ، ثم يصير عند بلوغه إلى ما يحكم به عليه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فأبواه ) ; أي فأبوا المولود ، قال الطيبي : الفاء إما للتعقيب أو للسببية أو جزاء شرط مقدر ; أي إذا تقرر ذلك فمن تغير كان بسبب أبويه ، إما بتعليمهما إياه أو ترغيبهما فيه ، أو كونه تبعا لهما في الدين يقتضي أن يكون حكمه حكمهما فيه ، وخص الأبوان بالذكر للغالب .

                                                                                                                                                                                  قوله ( تنتج البهيمة ) ; أي تلدها .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية