الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1309 129 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا يحيى قال : حدثنا شعبة قال : حدثني عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، عن البراء بن عازب ، عن أبي أيوب - رضي الله عنهم - قال : خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد وجبت الشمس ، فسمع صوتا فقال : يهود تعذب في قبورها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  قيل : لا مطابقة بين هذا الحديث والترجمة ; لأن الحديث في بيان ثبوت عذاب القبر والترجمة في التعوذ منه ، حتى قال بعضهم : إنما أدخله في هذا الباب بعض من نسخ الكتاب ولم يميز . قلت : قال الكرماني : العادة قاضية بأن كل من سمع مثل ذلك الصوت يتعوذ من مثله ، أو تركه اختصارا .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) : وهم سبعة ; الأول : محمد بن المثنى بن عبيد ، يعرف بالزمن العنبري . الثاني : يحيى بن سعيد القطان . الثالث : شعبة بن الحجاج . الرابع : عون بن أبي جحيفة - بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الفاء - وقد مر في باب الصلاة في الثوب الأحمر . الخامس : أبوه أبو جحيفة الصحابي ، واسمه وهب بن عبد الله السوائي . السادس : البراء بن عازب . السابع : أبو أيوب الأنصاري ، واسمه خالد بن زيد .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين وبصيغة الإفراد في موضع ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه القول في موضعين ، وفيه أن شيخه بصري ويحيى كوفي وشعبة واسطي وعون كوفي والثلاثة الباقية صحابيون يروي بعضهم عن بعض .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر من أخرجه غيره ) : أخرجه مسلم في صفة أهل النار عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع ، وعن عبيد الله بن معاذ عن أبيه ، وعن أبي موسى وبندار ; ثلاثتهم عن يحيى . وأخرجه النسائي في الجنائز عن أبي قدامة عن يحيى .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم ) ; أي من المدينة إلى خارجها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وقد وجبت الشمس ) جملة حالية ، وقد علم أن الجملة الفعلية الماضية إذا وقعت حالا فلا بد من لفظة " قد " صريحة أو مقدرة ، ومعنى " وجبت " سقطت " ، والمراد أنها غربت .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فسمع صوتا ) يحتمل أن يكون صوت ملائكة العذاب أو صوت اليهود المعذبين أو صوت وقع العذاب ، وقد وقع عند الطبراني أنه صوت اليهود ، رواه من طريق عبد الجبار بن العباس عن عون بهذا السند ، ولفظه : خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين غربت الشمس ومعي كوز من ماء ، فانطلق لحاجته ، حتى جاء فوضأته ، فقال : ألم تسمع ما أسمع ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : أسمع أصوات اليهود يعذبون في قبورهم . وقال الكرماني : صوت الميت من العذاب يسمعه غير الثقلين ، فكيف سمع ذلك ؟ ثم أجاب بقوله : هو في الضجة المخصوصة وهذا غيرها ، أو سماع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سبيل المعجزة .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 207 ] قوله ( يهود تعذب ) ، وارتفاع " يهود " على الابتداء وخبره " تعذب " ، وهو علم للقبيلة وقد يدخل فيه الألف واللام ، وقال الجوهري : أرادوا باليهود اليهوديين ولكنهم حذفوا ياء الإضافة ، كما قالوا زنجي وزنج ، وإنما عرف على هذا الحد فجمع على قياس شعيرة وشعير ، ثم عرف الجمع بالألف واللام ، ولولا ذلك لم يجز دخول الألف واللام عليه لأنه معرفة مؤنث فجرى في كلامهم مجرى القبيلة ولم يجعل كالحي . وقال بعضهم : " يهود " خبر مبتدأ ; أي : هذه يهود . قلت : كأنه ظن أنه نكرة ، فلذلك قال : هو خبر مبتدأ ، وقد قلنا إنه علم ، وهو غير منصرف للعلمية والتأنيث وهودهم اليهود .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية