الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5772 6123 - حدثنا مسدد، حدثنا مرحوم، سمعت ثابتا، أنه سمع أنسا - رضي الله عنه - يقول جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تعرض عليه نفسها، فقالت: هل لك حاجة في؟ فقالت ابنته: ما أقل حياءها! فقال: هي خير منك، عرضت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسها. [انظر: 5120 - فتح: 10 \ 524].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه ثلاثة أحاديث:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة قالت: جاءت أم سليم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ فقال: "نعم، إذا رأت الماء".

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 499 ] هذا الحديث سلف في الغسل، رواه هناك: عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن هشام، عن أبيه، عن زينب به ، ورواه هنا: عن إسماعيل، عن مالك، وهو ابن أبي أويس عبد الله بن عبيد الله بن أبي أويس بن مالك. روى عنه مسلم أيضا، وروى أيضا عن جماعة عنه، وقال في البيوع: حدثني غير واحد من أصحابنا قالوا: ثنا إسماعيل . مات سنة ست وعشرين ومائتين.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث شعبة، ثنا محارب بن دثار عن ابن عمر فأردت أن أقول: هي النخلة - وأنا غلام شاب، فاستحييت. فقال: "هي النخلة".

                                                                                                                                                                                                                              وعن شعبة: ثنا خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن ابن عمر مثله، وزاد: فحدث به عمر فقال: لو كنت قلتها لكان أحب إلي من كذا وكذا.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث مرحوم، - وهو ابن عبد العزيز أبو عبد الله العطار، مولى معاوية بن أبي سفيان - قال: سمعت ثابتا، أنه سمع أنسا يقول: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تعرض عليه نفسها، فقالت: هل لك حاجة في؟ فقالت ابنته: ما أقل حياءها! فقال: هي خير منك، عرضت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسها.

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف أيضا معنى قوله في حديث ابن عمر: "لا يتحات ورقها": لا يسقط من احتكاكه بعضه ببعض، تقول العرب: حت الورق والطين

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 500 ] اليابس من الثوب حتا: فركه ونقضه، قال أبو القاسم الجوهري في "مسنده": وإنما تفسيره أن إيمان المسلم ثابت لا يتغير أبدا.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: طرح الإمام المسائل على أصحابه; ليختبر فهمهم، كما ترجم عليه هناك.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: توقير الصغير الكبير، وإن كان في العلم غير مستحسن; ولذلك قال عمر لولده ما قال، ولو كان سكوته عنده حسن لقال: أصبت.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (فقالت ابنته): يريد ابنة أنس راوي الحديث، كما سلف في النكاح.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (هي خير منك); لأن طلبها ذلك إنما يكون من فرط حبها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورغبتها في القرب منه، وذلك من أعظم الفضائل، ففيه حجة في ألا يستحي مما يحتاج إليه.

                                                                                                                                                                                                                              وقولها: (إن الله لا يستحي من الحق): يدل أنه لا يجوز الحياء عن السؤال في أمر الدين، وجميع الحقائق التي يعبد الله سبحانه عباده بها، وأن الحياء في ذلك مذموم، وفي حديث ابن عمر: أن الحياء مكروه لمن علم علما فلم يخبر به بحضرة من هو فوقه إذا سئل عنه، ألا ترى حرص عمر على أن يقول ابنه: إنها النخلة. وقد سلف هذا في العلم.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية