الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5673 6019 - حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث قال: حدثني سعيد المقبري، عن أبي شريح العدوي قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته". قال: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: "يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت". [6135، 6476 - مسلم: 48 - فتح: 10 \ 445]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي الأحوص - واسمه سلام بن سليم الحنفي مولاهم - عن أبي حصين - واسمه عثمان بن عاصم الأسدي - عن أبي صالح - ذكوان - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا به وزيادة.

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي شريح الخزاعي: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره .. " الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              (وأخرجهما أيضا مسلم) ، وهو مطابق لما ترجم له.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 326 ] وقوله في الحديث الثاني: "جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام" قال بعضهم: قسم - عليه السلام - أمر الضيفان إلى ثلاثة: يتكلف في أولها، ثم في الثاني: يقدم ما حضر فإذا جاوز الثلاث كان مخيرا بين أن يستمر أو يقطع.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى: ("من كان يؤمن"): إيمانا كاملا، ولا شك أن الضيافة من سنن المرسلين، وقال الداودي: يزيد في إكرامه على ما كان يفعل في عياله.

                                                                                                                                                                                                                              قال وقوله: ("الضيافة ثلاثة") يحتمل أن يريد بعد اليوم والثلاثة، ويحتمل أن يدخل فيه اليوم والليلة، وهو أشبه.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الهروي: في الحديث بعد "الضيافة ثلاثة أيام فما زاد فهو صدقة، وجائزته يوم وليلة" أي: يقرى ثلاثة أيام، ثم يعطى ما يجوز به مسافة يوم وليلة، قال: وأكثره قدر ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الخطابي: معناه: أنه يتكلف إذا نزل به الضيف يوما وليلة فيتحفه، ويزيد في البر على ما يحضره في سائر الأيام، وفي اليومين الأخيرين يقدم له ما حضر، فإذا مضى الثلاث قضى حقه وإن زاد استوجب الصدقة .

                                                                                                                                                                                                                              وقال مالك: يحسن ضيافته ويتحفه ويكرمه يوما وليلة، وثلاثة أيام ضيافة، وما بعدها صدقة.

                                                                                                                                                                                                                              قال الداودي: يعني: الصدقة الجائزة في اللغة: المنحة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 327 ] قال سحنون: وإنما الضيافة على أهل القرى دون الحضر.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الشافعي: مطلقا وهي من مكارم الأخلاق، وقد حض على الضيافة خيار الناس.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل في تفسير قوله: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم [النساء: 148] أنها نزلت في الضيفان، يقول: نزل على صديقه فلم يحسن ضيافته: إن فلانا قصر في أمري، قاله مجاهد ، قال: والضيافة ليلة واحدة فرض، واحتج بالآية المذكورة.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية