الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 595 ] فصل :

        ولا ينبغي أن يقتصر على سماعه وكتبه دون معرفته وفهمه ، فليتعرف صحته وضعفه وفقهه ومعانيه ولغته وإعرابه وأسماء رجاله محققا كل ذلك ، معتنيا بإتقان مشكلها حفظا وكتابة مقدما الصحيحين ، ثم " سنن أبي داود " ، و " الترمذي " ، و " النسائي " ، ثم " السنن الكبرى " للبيهقي ، وليحرص عليه فلم يصنف مثله . ثم ما تمس الحاجة إليه . ثم من المسانيد " مسند أحمد " بن حنبل وغيره ، ثم من العلل كتابه ، وكتاب الدارقطني . ومن الأسماء " تاريخ البخاري " و " ابن أبي خيثمة " ، وكتاب ابن أبي حاتم . ومن ضبط الأسماء كتاب ابن ماكولا ، وليعتن بكتب غريب الحديث ، وشروحه ، وليكن الإتقان من شأنه ، وليذاكر بمحفوظه ، ويباحث أهل المعرفة .

        التالي السابق


        ( فصل :

        ولا ينبغي ) للطالب ( أن يقتصر ) من الحديث ( على سماعه وكتبه دون معرفته وفهمه ) فيكون قد أتعب نفسه من غير أن يظفر بطائل ، ولا حصول في عداد أهل الحديث .

        وقد قال أبو عاصم النبيل : الرياسة في الحديث بلا دراية رياسة نذلة .

        قال الخطيب : هي اجتماع الطلبة على الراوي للسماع

        [ منه ] عند علو سنه ؛ فإذا تميز الطالب بفهم الحديث ومعرفته تعجل بركة ذلك في شبيبته .

        ( فليتعرف صحته ) وحسنه ، ( وضعفه ، وفقهه ، ومعانيه ، ولغته ، وإعرابه ، وأسماء رجاله ، محققا كل ذلك ، معتنيا بإتقان مشكلها حفظا وكتابة مقدما ) في السماع والضبط ، والتفهم والمعرفة ( الصحيحين ، ثم سنن أبي داود ، والترمذي ، والنسائي ) وابن خزيمة ، وابن حبان ، ( ثم " السنن الكبرى " للبيهقي ، وليحرص عليه فلم يصنف ) في بابه ( مثله [ ص: 596 ] ثم ما تمس الحاجة إليه ، ثم من المسانيد ) ، والجوامع .

        فأهم المسانيد ( مسند أحمد ، و ) يليه سائر المسانيد ( وغيره ) .

        وأهم الجوامع الموطأ ، ثم سائر الكتب المصنفة في الأحكام ، ككتاب ابن جريج ، وابن أبي عروبة ، وسعيد بن منصور ، وعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وغيرهم .

        ( ثم من ) كتب ( العلل : كتابه ) أي أحمد ، ( وكتاب الدارقطني ومن ) كتب ( الأسماء : تاريخ البخاري ) الكبير ، ( و ) تاريخ ( ابن أبي خيثمة ، وكتاب ابن أبي حاتم ) في الجرح والتعديل .

        ( ومن ) كتب ( ضبط الأسماء : كتاب ابن ماكولا ، وليعتن بكتب غريب الحديث ، و ) كتب ( شروحه ) أي الحديث .

        ( وليكن الإتقان من شأنه ) بأن يكون كلما مر به اسم مشكل أو كلمة غريبة بحث عنها وأودعها قلبه ، وقد قال ابن مهدي : الحفظ الإتقان .

        ( وليذاكر بمحفوظه ويباحث أهل المعرفة ) فإن المذاكرة تعين على دوامه .

        [ ص: 597 ] قال علي بن أبي طالب : تذاكروا هذا الحديث ؛ فإن لا تفعلوا يدرس .

        وقال ابن مسعود : تذاكروا الحديث ، فإن حياته مذاكرته .

        وقال ابن عباس : مذاكرة العلم ساعة خير من إحياء ليلة .

        وقال أبو سعيد الخدري : مذاكرة الحديث أفضل من قراءة القرآن .

        وقال الزهري : آفة العلم النسيان ، وقلة المذاكرة ، رواهما البيهقي في " المدخل " .

        وليكن حفظه له بالتدريج قليلا قليلا ؛ ففي الصحيح : خذوا من الأعمال ما تطيقون .

        وقال الزهري : من طلب العلم جملة فاته جملة ، وإنما يدرك العلم حديث وحديثان .




        الخدمات العلمية