الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 515 ] السابعة : إذا وقع في الكتاب ما ليس منه نفي بالضرب ، أو الحك ، أو المحو ، أو غيره ، وأولاها الضرب ، ثم قال الأكثرون يخط فوق المضروب عليه خطا بينا دالا على إبطاله مختلطا به ، ولا يطمسه بل يكون ممكن القراءة ، ويسمى هذا الشق ، وقيل : لا يخلط بالمضروب عليه بل يكون فوقه معطوفا على أوله وآخره ، وقيل : يحوق على أوله نصف دائرة وكذا آخره ، وإذا كثر المضروب عليه فقد يكتفى بالتحويق أوله وآخره وقد يحوق أول كل سطر وآخره ، ومنهم من اكتفى بدائرة صغيرة أول الزيادة وآخرها ، وقيل يكتب " لا " في أوله " وإلى " في آخره ، وأما الضرب على المكرر فقيل يضرب على الثاني ، وقيل يبقي أحسنهما صورة وأبينهما ، وقال القاضي عياض : إن كانا أول سطر ضرب على الثاني ، أو آخره فعلى الأول ، أو أول سطر وآخر آخر ، فعلى آخر السطر ، فإن تكرر المضاف والمضاف إليه أو الموصوف والصفة ونحوه روعي اتصالهما ، وأما الحك ، والكشط فكرهها أهل العلم .

        التالي السابق


        ( السابعة : إذا وقع في الكتاب ما ليس منه نفي ) عنه إما ( بالضرب ) عليه ( أو الحك ) له ( أو المحو ) بأن تكون الكتابة في لوح أو رق ، أو ورق صقيل جدا في حال طراوة المكتوب .

        وقد روي عن سحنون أنه كان ربما كتب الشيء ثم لعقه .

        [ ص: 516 ] ( أو غيره وأولاها الضرب ) فقد قال الرامهرمزي : قال أصحابنا الحك تهمة ، وقال غيره : كان الشيوخ يكرهون حضور السكين لمجلس السماع ، حتى لا يبشر شيء ; لأن ما يبشر منه ربما يصح في رواية أخرى ، وقد يسمع الكتاب مرة أخرى على شيخ آخر يكون ما بشر من رواية هذا صحيحا في رواية الآخر ، فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بشر ، بخلاف ما إذا خط عليه وأوقفه رواية الأول ، وصح عند الآخر اكتفى بعلامة الآخر عليه بصحته .

        ( ثم ) في كيفية هذا الضرب خمسة أقوال :

        ( قال الأكثرون يخط فوق المضروب عليه خطا بينا دالا على إبطاله ) بكونه ( مختلطا به ) أي بأوائل كلماته ، ( ولا يطمسه بل يكون ) ما تحته ( ممكن القراءة [ ص: 517 ] ويسمى هذا ) الضرب عند أهل المشرق و ( الشق ) عند أهل المغرب - وهو بفتح المعجمة وتشديد القاف - من الشق وهو الصدع ، أو شق العصا ، وهو التفريق كأنه فرق بين الزائد وما قبله وبعده من الثابت بالضرب .

        وقيل هو النشق - بفتح النون والمعجمة - من نشق الظبي في حبالته علق فيها ، فكأنه أبطل حركة الكلمة وإعمالها بجعلها في وثاق يمنعها من التصرف ( وقيل : لا يخلط ) أي الضرب ( بالمضروب عليه بل يكون فوقه ) منفصلا عنه ( معطوفا ) طرفا الخط ( على أوله وآخره ) مثاله هكذا .

        ( وقيل ) هذا تسويد بل ( يحوق على أوله نصف دائرة ، وكذا ) على ( آخره ) بنصف دائرة أخرى مثاله هكذا ( ) .

        ( و ) على هذا القول ( إذا كثر ) الكلام ( المضروب عليه ، فقد يكتفى بالتحويق أوله أو آخره ) فقط ، ( وقد يحوق أول كل سطر وآخره ) في الأثناء أيضا ، وهو أوضح .

        ( ومنهم من ) استقبح ذلك أيضا و ( اكتفى بدائرة صغيرة أول الزيادة وآخرها ) وسماها صفرا ، لإشعارها بخلو ما بينهما من صحة ، ومثال ذلك هكذا " 5 " . [ ص: 518 ] ( وقيل يكتب " لا " في أوله ) أو زائدا ، ومن ( وإلى في آخره ) .

        قال ابن الصلاح : ومثل هذا يحسن فيما سقط في رواية ، وثبت في رواية ، وعلى هذين القولين أيضا : إذا كثر المضروب عليه ، إما يكتفى بعلامة الإبطال أوله وآخره ، أو يكتب على أول كل سطر وآخره ، وهو أوضح .

        هذا كله في زائد غير مكرر ( وأما الضرب على المكرر ، فقيل : يضرب على الثاني ) مطلقا دون الأول ; لأنه كتب على صواب ، فالخطأ أولى بالإبطال ، ( وقيل يبقي أحسنهما صورة وأبينهما ) قراءة ، ويضرب على الآخر ، هكذا حكى ابن خلاد القولين من غير مراعاة لأوائل السطور وآخرها ، وللفصل بين المتضايفين ونحو ذلك .

        ( وقال القاضي عياض ) هذا إذا تساوت الكلمتان في المنازل بأن كانتا في أثناء السطر ، أما ( إن كانا أول سطر ضرب على الثاني أو آخره فعلى الأول ) يضرب صونا لأوائل السطور وأواخرها عن الطمس ، ( أو ) الثانية ( أول [ ص: 519 ] سطر ، و ) الأولى ( آخر ) سطر ( آخر فعلى آخر السطر ) ; لأن مراعاة أول السطر أولى .

        ( فإن تكرر المضاف والمضاف إليه ، أو الموصوف والصفة ونحوه روعي اتصالهما ) بأن لا يضرب على المتكرر بينهما ، بل على الأول في المضاف والموصوف ، أو الآخر في المضاف إليه والصفة ، لأن ذلك مضطر إليه للفهم ، فمراعاته أولى من مراعاة تحسين الصورة في الخط .

        قال ابن الصلاح : وهذا التفصيل من القاضي حسن .

        ( وأما الحك والكشط والمحو فكرهها أهل العلم ) كما تقدم .




        الخدمات العلمية