الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 435 ] الثالث : قال الحاكم : الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ : حدثني . ومع غيره حدثنا . وما قرأ عليه أخبرني . وما قرئ بحضرته أخبرنا وروي نحوه عن ابن وهب وهو حسن ، فإن شك فالأظهر أن يقول : حدثني أو يقول : أخبرني ، لا حدثنا وأخبرنا ، وكل هذا مستحب باتفاق العلماء ، ولا يجوز إبدال حدثنا بأخبرنا أو عكسه في الكتب المؤلفة ، وما سمعته من لفظ المحدث فهو على الخلاف في الرواية بالمعنى إن كان قائله يجوز إطلاق كليهما وإلا فلا يجوز .

        التالي السابق


        ( الثالث : قال الحاكم الذي أختاره ) أنا في الرواية ( وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول ) الراوي ( فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ : [ ص: 436 ] حدثني ) بالإفراد ( و ) فيما سمعه منه ( مع غيره حدثنا ) بالجمع ( وما قرأ عليه ) بنفسه ( أخبرني وما قرئ ) على المحدث ( بحضرته أخبرنا .

        وروي نحوه عن ) عبد الله ( بن وهب ) صاحب مالك ، روى الترمذي عنه في العلل قال : ما قلت : حدثنا ، فهو ما سمعت مع الناس ، وما قلت : حدثني هو ما سمعت وحدي ، وما قلت : أخبرنا فهو ما قرئ على العالم وأنا شاهد ، وما قلت : أخبرني فهو ما قرأت على العالم .

        ورواه البيهقي في " المدخل " عن سعيد بن أبي مريم وقال : عليه أدركت مشايخنا ، وهو معنى قول الشافعي وأحمد .

        قال ابن الصلاح : ( وهو حسن ) رائق ، قال العراقي : وفي كلامهما أن القارئ يقول أخبرني سواء سمعه معه غيره أم لا ، وقال ابن دقيق العيد في " الاقتراح " : إن كان معه غيره قال : أخبرنا ، فسوى [ ص: 437 ] بين مسألتي التحديث والإخبار ، قلت : الأول أولى ، ليتميز ما قرأه بنفسه وما سمعه بقراءة غيره ، ( فإن شك ) الراوي هل كان وحده حالة التحمل ، ( فالأظهر أن يقول حدثني أو يقول أخبرني لا حدثنا وأخبرنا ) لأن الأصل عدم غيره ، أما إذا شك هل قرأ بنفسه أو سمع بقراءة غيره .

        قال العراقي : قد جمعهما ابن الصلاح مع المسألة الأولى ، وأنه يقول أخبرني ; لأن عدم غيره هو الأصل ، وفيه نظر ; لأنه يحقق سماع نفسه ويشك هل قرأ بنفسه ، والأصل أنه لم يقرأ .

        وقد حكى الخطيب في " الكفاية " عن البرقاني أنه كان يشك في ذلك ، فيقول قرأنا على فلان ، قال وهذا حسن ، لأن ذلك يستعمل فيما قرأه غيره أيضا ، كما قاله أحمد بن صالح والنفيلي .

        وقد اختار يحيى بن سعيد القطان [ ص: 438 ] في شبه المسألة الأولى الإتيان بحدثنا ، وذلك إذا شك في لفظ شيخه ، هل قال حدثني أو حدثنا ، ووجهه أن حدثني أكمل مرتبة فيقتصر في حالة الشك على الناقص ، ومقتضاه قول ذلك أيضا في المسألة الأولى ، إلا أن البيهقي اختار في مسألة القطان أن يوحد .

        ( وكل هذا مستحب باتفاق العلماء ) لا واجب .

        ( ولا يجوز إبدال حدثنا بأخبرنا أو عكسه في الكتب المؤلفة ) وإن كان في إقامة أحدهما مقام الآخر خلاف ، لا في نفس ذلك التصنيف ، بأن يغير ولا فيما ينقل منه إلى الأجزاء والتخاريج .

        ( وما سمعته من لفظ المحدث فهو ) أي إبداله ( على الخلاف في الرواية بالمعنى ) فإن جوزناها جاز الإبدال ( إن كان قائله ) يرى التسوية بينهما و ( يجوز إطلاق كليهما ) بمعنى ( وإلا فلا يجوز ) إبدال ما وقع منه ، ومنع ابن حنبل الإبدال جزما .

        [ ص: 439 ] فائدة :

        عقد الرامهرمزي أبوابا في تنويع الألفاظ السابقة ، منها :

        الإتيان بلفظ الشهادة ، كقول أبي سعيد : أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الجر أن ينتبذ فيه ، وقول عبد الله بن طاوس أشهد على والدي أنه قال أشهد على جابر بن عبد الله أنه قال : أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أمرت أن أقاتل الناس ، الحديث ، وقول ابن عباس شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر ، الحديث في الصلاة بعد العصر ، وبعد الصبح .

        ومنها : تقديم الاسم ، فيقول فلان حدثنا أو أخبرنا .

        ومنها : سمعت فلانا : يأثر عن فلان .

        ومنها قلت لفلان أحدثك فلان أو اكتتبت عن فلان ؟

        ومنها : زعم لنا فلان عن فلان .

        [ ص: 440 ] ومنها : حدثني فلان ورد ذلك إلى فلان .

        ومنها : دلني فلان على ما دل عليه فلان .

        ومنها : سألت فلانا فألجأ الحديث إلى فلان .

        ومنها : خذ عني كما أخذته عن فلان .

        وساق لكل لفظة من هذه أمثلة .




        الخدمات العلمية