الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والأصح أن ) ( الأفقه ) في باب الصلاة ، وإن لم يحفظ من القرآن إلا الفاتحة ( أولى من الأقرإ ) ، وإن حفظ جميع القرآن إذ الحاجة إلى الفقه أهم لعدم انحصار ما يطرأ في الصلاة من الحوادث { ولأنه عليه الصلاة والسلام قدم أبا بكر على من هو أقرأ منه } ، فقد روى البخاري { أنه لم يجمع القرآن في حياته [ ص: 181 ] صلى الله عليه وسلم سوى أربعة أنفار : زيد بن ثابت ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل } ، وأبو زيد رضي الله عنهم . وأما خبر { أحقهم بالإمامة أقرؤهم } فمحمول على عرفهم الغالب أن الأقرأ أفقه ; لكونهم يضمون للحفظ معرفة فقه الآية وعلومها . والأوجه أن مراده بالأقرإ الأصح قراءة ، فإن استويا في ذلك فالأكثر قراءة .

                                                                                                                            وبحث الإسنوي أن المتميز بقراءة السبع وبعضها من ذلك وتردد في قراءة مشتملة على لحن ، ويظهر أنه لا عبرة بها ، ومقابل الأصح هما سواء لتقابل الفضيلتين .

                                                                                                                            وفي المجموع استواء قن فقيه وحر غير فقيه ، وحمله السبكي على قن أفقه وحر فقيه ; لأن مقابلة الحرية بزيادة الفقه لا بعد فيها ، بخلاف مقابلتها بأصل الفقه فهو أولى منها ; لتوقف صحة الصلاة عليه دونها .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أولى من الأقرإ ) ظاهره ولو عاريا وغيره مستور ، وينبغي خلافه لما تقدم من كراهة الصلاة خلف العاري ( قوله : فقد روى البخاري { أنه لم يجمع القرآن } إلخ ) قال الجعبري في شرح الرائية : والصحابة الذين حفظوا القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرون .

                                                                                                                            فمن المهاجرين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود [ ص: 181 ] وابن عباس وحذيفة وسالم وابن السائب وأبو هريرة ومن الأنصار أبي وزيد ومعاذ وأبو الدرداء وأبو زيد ومجمع .

                                                                                                                            فمعنى قول أنس : جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لم يجمعه إلا أربعة : أبي وزيد ومعاذ وأبو زيد أنهم الذين تلقوه مشافهة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الذين جمعوه بوجوه قراءاته . ا هـ . وقوله مشافهة إلخ هذان الجوابان لا يخلوان عن بعد ; لأن هؤلاء الصحابة مثل أبي بكر وعمر وغيرهما تحيل العادة أن غيرهم يقرأ القرآن مشافهة أو بالقراءات السبع من النبي صلى الله عليه وسلم دونهم ، هكذا نقل عن بعض أهل العصر .

                                                                                                                            أقول : ومع كونه لا يخلو عن بعد هو كاف في الجواب ، على أن هذا الاستبعاد إنما بناه على مجرد العادة في مثله ، وهو غير معارض لما ذكره لجواز اهتمامهم في أوقات اجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وسلم بغير تلقي القرآن منه حفظا لاستغنائهم بأخذه عن غيره ، وقد كان من عادة الصحابة رضي الله عنهم الاكتفاء بسماع بعضهم من بعض مع إمكان مراجعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما سمعوه من غيره .

                                                                                                                            وفي حواشي الروض لوالد الشارح أن عمر لم يكن يحفظ القرآن ( قوله : سوى أربعة أنفار إلخ ) أي من الأنصار وكانوا خزرجيين كما في حج ( قوله : الأصح قراءة ) أي لما يحفظه وإن قل فيقدم وإن كان غيره يحفظ أكثر منه ، لكن بقي ما لو كان أحدهما يحفظ نصف القرآن بكماله مثلا ، ويصح آيات قليلة كأواخر السور اطردت عادته بالإمامة بها ، والآخر يحفظ نصف القرآن مثلا ويصححه بتمامه ، فهل يقدم على من يحفظ القرآن بكماله لكثرة ما يصححه ، أو يقدم الآخر عليه لكثرة حفظه مع صحة ما يصلي به ؟ فيه نظر .

                                                                                                                            وإطلاقهم قد يقتضي تقديم من يحفظ النصف ، ولو قيل بتقديم من يحفظ الكل ; لأن المدار على صحة ما يصلي به لم يبعد ( قوله : ومن ذلك ) أي من الأصح قراءة ( قوله : مشتملة على لحن ) قال حج : لا يغير المعنى ( قوله : لا عبرة بها ) أي فلا يقدم صاحبها على غيره .




                                                                                                                            الخدمات العلمية