الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وأن ترتفع أسافله ) أي عجيزته وما حولها ( على أعاليه ) من رأسه ( في الأصح ) لما صح { عن البراء رضي الله عنه أنه فعل ذلك وقال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل } ، فلو انعكس أو تساويا لم يجزه ، نعم لو كان في سفينة ولم يتمكن من ارتفاع ذلك لميلها صلى على حسب حاله ووجبت عليه الإعادة لندرته ، والثاني ونقل عن النص أنه يجوز مساواتهما لحصول اسم السجود ، فلو [ ص: 515 ] ارتفعت الأعالي لم يجز جزما كما لو أكب على وجهه ومد رجليه .

                                                                                                                            نعم لو كان به علة لا يمكنه السجود معها إلا كذلك أجزأه ولو لم يتمكن منه إلا بوضع نحو وسادة وجب ، أن حصل منه التنكيس وإلا سن ، ولا يجب لعدم حصول مقصود السجود حينئذ خلافا لما في الشرح الصغير من الوجوب مطلقا ، وإنما وجب الاعتماد المتوقف عليه القيام لأنه يأتي معه بهيئة القيام . بخلاف هنا فلا يأتي بهيئة السجود فلا فائدة فيه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وأن ترتفع أسافله ) أي يقينا ، فلو شك في ارتفاعها وعدمه لم يكف حتى لو كان بعد الرفع من السجود وجبت إعادته أخذا مما قدمه أن الشك في جميع أفعال الصلاة مؤثر إلا بعض حروف الفاتحة والتشهد بعد الفراغ منهما ( قوله : أي عجيزته ) في التعبير بها تغليب .

                                                                                                                            ففي المختار العجز بضم الجيم مؤخر الشيء يذكر ويؤنث : أي باعتبار عود الضمير فيقال عجزه كبير أو كبيرة ، ولا يقال عجزته ، وهو للرجل والمرأة جميعا وجمعه أعجاز ، والعجيزة للمرأة خاصة ( قوله : من رأسه ) قضيته أنه لا يشترط ارتفاع الأسافل على اليدين ، لكن في حج تنبيه : اليدان من الأعالي كما علم من حد الأسافل ، وحينئذ فيجب رفعها على اليدين أيضا ا هـ .

                                                                                                                            قال سم عليه : لعل المراد بهما الكفان ، ونقل هو عنه في حاشيته على المنهج أن المراد بالأعالي الرأس والمنكبان ا هـ . وعبارة شيخنا الزيادي قوله على أعاليه ومنها اليدان ( قوله : أو تساويا لم يجزه ) أي في الانعكاس قطعا وفي المساواة على الأصح ( قوله : لميلها ) أي أو غيره كزحمة ( قوله : صلى على حسب حاله ) ينبغي تقييده بما إذا ضاق الوقت أو لم يضق ، ولكن لم يرج التمكن من السجود على الوجه المجزي قبل خروج الوقت كما لو فقد الماء والتراب ، فإن رجا ذلك وجب التأخير إلى التمكن أو ضيق الوقت ( قوله : لندرته ) وبه فارق ما لو تعذر وضع جبهته أو كشفها لنحو جراحة لأن الجراحة يكثر وقوعها

                                                                                                                            [ ص: 515 ] قوله : نعم لو كان به علة ) استدراك يفيد تقييد المتن بالقادر ( قوله : إلا كذلك أجزأه ) أي ولا إعادة عليه وإن شفى بعد ذلك وينبغي أن مراده بقوله لا يمكنه أن يكون فيه مشقة شديدة وإن لم تبح التيمم أخذا مما تقدم في العصابة ( قوله : إلا بوضع نحو وسادة ) الوساد والوسادة بكسر الواو فيهما المخدة والجمع وسائد ووسد مختار ( قوله : إن حصل منه التنكيس ) قال حج : ولا ينافي هذا قولهم لو عجز إلا أن يسجد بمقدم رأسه أو صدغه وكان به أقرب إلى الأرض ، وجب لأنه ميسوره ا هـ لأنه هنا قدر على زيادة القرب ، وثم المقدور عليه وضع الوسادة لا القرب فلم يلزمه إلا مع حصول التنكيس لوجود حقيقة السجود حينئذ ا هـ .

                                                                                                                            [ فرع ] لو تعارض عليه التنكيس ووضع الأعضاء فهل يراعى الأول أو الثاني ؟ فيه نظر ، والأقرب أنه يراعى التنكيس للاتفاق عليه عند الشيخين ، بخلاف وضع الأعضاء فإن فيه خلافا ( قوله : وإلا سن ) هذا كالصريح في عدم وجوب الإعادة إذا تمكن منه بعد وهو ظاهر ، ويوجه بأن ما عجز عنه من الأركان يأتي فيه بما يمكنه ولا إعادة عليه ولو قصر زمنه لأن المرض من الأعذار العامة ( قوله من الوجوب مطلقا ) أي حصل تنكيس أم لا ( قوله : وإنما وجب ) وارد على قوله وإلا سن ولا يجب إلخ .




                                                                                                                            الخدمات العلمية