الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1800 9 - (حدثني يحيى بن بكير قال: حدثني الليث عن عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني ابن [ ص: 267 ] أبي أنس مولى التيميين أن أباه حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين".

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر أتم من الطريق الأول، مطابقته للترجمة في قوله: " إذا دخل شهر رمضان" حيث ذكر فيه "شهر"، وهو مطابق لقوله في الترجمة: أو شهر رمضان.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم سبعة؛ الأول: يحيى بن بكير، وقد تكرر ذكره، الثاني: الليث بن سعد، الثالث: عقيل - بضم العين- بن خالد، الرابع: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، الخامس: ابن أبي أنس، هو أبو سهل نافع ابن أبي أنس بن مالك بن أبي عامر، السادس: أبوه مالك بن أبي عامر، السابع: أبو هريرة رضي الله عنه.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الإفراد في موضعين، وفيه الإخبار بصيغة الإفراد في موضع، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه السماع، وفيه القول في ثلاثة مواضع، وفيه أن شيخه منسوب إلى جده؛ لأنه يحيى بن عبد الله بن بكير، وأنه والليث مصريان، وأن عقيلا أيلي، وأن ابن أبي أنس وأباه مدنيان، وفيه أن ابن أبي أنس من صغار شيوخ الزهري بحيث أدركه تلامذة الزهري ومن هو أصغر منه كإسماعيل بن جعفر، وقدم ابن أبي أنس في الوفاة عن الزهري، وهذا الإسناد يعد من رواية الأقران، وفيه أن ابن أبي أنس مولى التيميين، أي: مولى بني تيم، والمراد منه آل طلحة بن عبيد الله أحد العشرة، وكان أبو عامر والد مالك قد قدم مكة فقطنها وحالف عثمان بن عبيد الله أخا طلحة فنسب إليه، وكان مالك الفقيه يقول: لسنا موالي آل تيم، إنما نحن عرب من أصبح، ولكن جدي حالفهم، والحاصل أن أبا سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر أخو أنس بن مالك بن عامر عم مالك بن أنس الإمام حليف عثمان بن عبيد الله التيمي، بفتح التاء المثناة من فوق وسكون الياء آخر الحروف، وقال ابن سعد في الطبقة من التابعين المدنيين: أخبرني عم جدي الربيع مالك بن أبي عامر، وهو عم مالك بن أنس المفتي، عن أبيه، فذكر حديثا أنه عاقد عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، فعدوا اليوم في بني تيم لهذا السبب، وقيل: حالف ابنه عثمان بن عبيد الله وأبو أنس كنية مالك بن أبي عامر، ومات مالك سنة مائة ونحوها كما نقل عن ابن عبد البر، وحكى الكلاباذي عن ابن سعد عن الواقدي سنة اثنتي عشرة ومائة عن سبعين أو نيف وسبعين، وفي (الطبقات) لابن سعد: أنه شهد عمر رضي الله تعالى عنه عند الجمرة، وأصابه حجر فدماه، وفيه نظر ظاهر، وأولاده أربعة: أنس، ونافع، وأويس، والربيع، أولاد مالك المذكور.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما قيل في هذا الحديث) قال النسائي : مراد الزهري بابن أبي أنس نافع، فأخرج من وجه آخر عن عقيل عن ابن شهاب: أخبرني أبو سهيل عن أبيه، وأخرجه من طريق صالح عن ابن شهاب، فقال: أخبرني نافع بن أبي أنس، ورواه ابن إسحاق، عن الزهري، عن أويس بن أبي أويس - عديد بني تيم- عن أنس بن مالك نحوه، وقال: هذا خطأ، ولم يسمعه ابن إسحاق عن الزهري، وفي موضع آخر: هذا حديث منكر خطأ، ولعل ابن إسحاق سمعه من إنسان ضعيف فقال فيه: وذكر الزهري. ورواه من حديث أبي قلابة عن أبي هريرة بلفظ: " أتاكم رمضان شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين"، ومن حديثه عن ابن أبي شيبة، عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: " أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يرغب في قيام رمضان من غير عزيمة وقال: إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت الجحيم، وسلسلت فيه الشياطين"، وقال: هذا الثالث الأخير خطأ من حديث أبي سلمة وقال: أرسله ابن المبارك عن معمر ثم ساقه من حديثه عن الزهري عن أبي هريرة مرفوعا: " إذا دخل رمضان فتحت.." الحديث.

                                                                                                                                                                                  وعند الترمذي من حديث أبي بكر بن عياش عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب " الحديث. وقال: غريب لا نعرف مثل رواية أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة إلا من حديث أبي بكر بن عياش، وسألت محمدا عنه فقال: حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن مجاهد قوله: " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان.." فذكر الحديث، قال محمد : وهذا [ ص: 268 ] أصح عندي من حديث أبي بكر بن عياش، وقال: شيخنا: لم يحكم الترمذي على حديث أبي هريرة المذكور بصحة ولا حسن، مع كون رجاله رجال الصحيح، وكان ذلك لتفرد أبي بكر بن عياش به، وإن كان احتج به البخاري فإنه ربما غلط كما قال أحمد، ولمخالفة أبي الأحوص له في روايته عن الأعمش، فإنه جعله مقطوعا من قول مجاهد، ولذلك أدخله الترمذي في كتاب (العلل المفرد)، وذكر أنه سأل البخاري عنه، وذكر أن كونه عن مجاهد أصح عنده.

                                                                                                                                                                                  وأما الحاكم فأخرجه في (المستدرك) وصححه، وكذلك صححه ابن حبان ، وفي رواية ابن عساكر: " ويغفر فيه إلا لمن نأى، قالوا: ومن نأى يا أبا هريرة؟ قال: الذي يأبى أن يستغفر الله عز وجل"، وروى من حديث عتبة بن فرقد قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: " تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار.." الحديث، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث عتبة بن فرقد عن رجل من الصحابة يرفعه: " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة.." الحديث، فرجحه مرفوعا، وخطأ حديث أنس وقال: إنما هو عن أبي هريرة. (قلت): عتبة بن فرقد السلمي أبو عبد الله ليس له صحبة، نزل الكوفة، وقال أبو عمر: كان أميرا لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على بعض فتوحات العراق، وروى له النسائي والطحاوي، وروى النسائي من رواية عطاء بن السائب، عن عرفجة قال: "كان عندنا عتبة بن فرقد، فتذاكرنا شهر رمضان فقال: ما تذكرون؟ قلنا: شهر رمضان، قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغل فيه الشياطين، وينادي مناد كل ليلة: يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر أقصر"، قال النسائي: هذا خطأ، يريد أن الصواب أنه حديث رجل من الصحابة لم يسم، ثم رواه النسائي من رواية عطاء بن السائب عن عرفجة قال: كنت في بيت فيه عتبة بن فرقد، فأردت أن أحدث بحديث، وكان رجل من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كأنه أولى بالحديث، فحدث الرجل عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "في رمضان تفتح أبواب السماء.." الحديث، مثل حديث عتبة بن فرقد.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما ورد في هذا الباب) من أحاديث الصحابة رضي الله تعالى عنهم، منها: حديث عبد الرحمن بن عوف أخرجه النسائي وابن ماجه من رواية النضر بن شيبان قال: قلت لأبي سلمة بن عبد الرحمن: حدثني بشيء سمعته من أبيك، سمعه أبوك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبيك أحد، قال: نعم، حدثني أبي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" قال النسائي: هذا غلط، والصواب: أبو سلمة عن أبي هريرة.

                                                                                                                                                                                  ومنها حديث ابن مسعود رواه أبو يعلى عنه أنه سمع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يقول وقد أهل رمضان: لو يعلم العباد ما في رمضان، لتمنت أمتي أن تكون السنة كلها رمضان، فقال رجل من خزاعة: حدثنا به، قال: إن الجنة تزين لرمضان من رأس الحول إلى الحول، حتى إذا كان أول يوم من رمضان هبت ريح من تحت العرش، فصفقت ورق الجنة، فتنظر الحور العين إلى ذلك فقلن: يا رب اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجا تقر أعيننا بهم وتقر أعينهم بنا، فما من عبد يصوم رمضان إلا زوج زوجة من الحور العين في خيمة من درة مجوفة مما نعت الله تعالى حور مقصورات في الخيام على كل امرأة منهن سبعون حلة، ليس منها حلة على لون الأخرى، وتعطى سبعون لونا من الطيب ليس منه لون على ريح الآخر، لكل امرأة منهن سبعون سريرا من ياقوتة حمراء موشحة بالدر، على كل سرير سبعون فراشا بطائنها من استبرق، وفوق السبعين فراشا سبعون أريكة، لكل امرأة منهن سبعون ألف وصيفة لحاجاتها، وسبعون ألف وصيف مع كل وصيف صحفة من ذهب فيها لون طعام يجد لآخر لقمة منها لذة لا يجد لأوله، ويعطى زوجها مثل ذلك على سرير من ياقوتة حمراء، عليه سواران من ذهب موشح بياقوت أحمر، هذا بكل يوم صام من رمضان، سوى ما عمل من الحسنات " هذا حديث منكر وباطل، وفي سنده جرير بن أيوب البجلي الكوفي، كان يضع الحديث، قاله وكيع وأبو نعيم الفضل بن دكين ، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري وأبو زرعة: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث.

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث سلمان الفارسي ، رواه الحارث بن أبي أسامة [ ص: 269 ] في (مسنده) عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال: يا أيها الناس، إنه قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك، فيه ليلة خير من ألف شهر، فرض الله صيامه، وجعل قيام ليله تطوعا، فمن تطوع فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وهو شهر المواساة، وهو شهر يزاد رزق المؤمن فيه، من فطر صائما كان له عتق رقبة ومغفرة لذنوبه، قيل: يا رسول الله ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم، قال: يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن أشبع صائما كان له مغفرة لذنوبه، وسقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئا، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، ومن خفف عن مملوكه فيه أعتقه الله من النار "، ولا يصح إسناده، وفي سنده إياس، قال شيخنا: الظاهر أنه ابن أبي إياس، قال صاحب (الميزان): إياس بن أبي إياس عن سعيد بن المسيب لا يعرف، والخبر منكر.

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث أنس، أخرجه النسائي من طريق محمد بن إسحاق قال: ذكر محمد بن مسلم عن أويس ابن أبي أويس عديد بني تيم، عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: هذا رمضان قد جاءكم، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتسلسل فيه الشياطين " قال النسائي : هذا حديث خطأ، وأخرجه الطبراني في الأوسط من رواية الفضل بن عيسى الرقاشي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذا رمضان قد جاء، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغل فيه الشياطين، بعدا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له، إذا لم يغفر له فيه فمتى؟! " والفضل بن عيسى منكر الحديث. قاله أبو زرعة وأبو حاتم، وقال ابن معين: رجل سوء.

                                                                                                                                                                                  ولأنس حديث آخر رواه العقيلي في (الضعفاء) قال: حدثنا جبريل بن عيسى المغربي، حدثنا يحيى بن سليمان القرشي، حدثنا أبو معمر عباد بن عبد الصمد عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نادى الله تبارك وتعالى رضوان خازن الجنة يقول: يا رضوان، فيقول: لبيك سيدي وسعديك، فيقول: زين الجنان للصائمين والقائمين من أمة محمد ثم لا تغلقها حتى ينقضي شهرهم " فذكر حديثا طويلا جدا منكرا، وعباد بن عبد الصمد منكر الحديث، قاله البخاري وأبو حاتم، وقال ابن الجوزي في (العلل المتناهية): ويحيى بن سليمان مجهول.

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، رواه الطبراني بلفظ: " إن رسول الله قال يوما وحضر رمضان: أتاكم رمضان شهر بركة، يغيثكم الله فيه، فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل " وفي إسناده محمد بن أبي قيس، يحتاج إلى الكشف.

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث ابن عباس، رواه الطبراني من رواية نافع بن هرمز عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بأفضل الملائكة؟ جبريل عليه السلام، وأفضل النبيين آدم عليه السلام، وأفضل الأيام يوم الجمعة، وأفضل الشهور شهر رمضان، وأفضل الليالي ليلة القدر، وأفضل النساء مريم بنت عمران عليها السلام - " ونافع بن هرمز ضعيف، ولابن عباس حديث آخر رواه ابن الجوزي في (العلل المتناهية) من رواية القاسم بن الحكم العرني عن الضحاك، عن ابن عباس أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الجنة لتبخر وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان، فإذا كان أول ليلة من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش يقال لها: المثيرة، فيصطفق ورق أشجار الجنة وحلق المصاريع " فذكر حديثا طويلا منكرا، والقاسم بن الحكم مجهول، قاله أبو حاتم، وقال يحيى بن سعيد: الضحاك عندنا ضعيف.

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث ابن عمر رواه الطبراني من رواية الوليد بن الوليد القلانسي، عن ابن ثوبان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول إلى الحول المقبل، فإذا كان أول ليلة من رمضان هبت ريح من تحت العرش " الحديث. والوليد بن الوليد ضعفه الدارقطني وغيره، ووثقه أبو حاتم بقوله: صدوق.

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، رواه الطبراني في (الأوسط) بلفظ: " ذاكر الله في رمضان مغفور له، وسائل الله فيه لا يخيب "، وفي إسناده هلال بن عبد الرحمن، ضعفه العقيلي بقوله: [ ص: 270 ] منكر الحديث.

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث أبي أمامة ، رواه أحمد والطبراني بلفظ: " لله عند كل فطر عتقاء " ورجاله ثقات.

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث أبي سعيد الخدري رواه الطبراني في الصغير بلفظ: " إن أبواب السماء تفتح في أول ليلة من شهر رمضان ولا تغلق إلى آخر ليلة منه "، وفي إسناده محمد بن مروان السعدي، وهو ضعيف، ولأبي سعيد حديث آخر رواه البزار بلفظ: " إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة - يعني في رمضان- وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة "، وفيه أبان بن أبي عياش ضعيف، ولأبي سعيد حديث آخر رواه الطبراني بلفظ: " صيام رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما".

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث أبي مسعود الغفاري، رواه الطبراني بلفظ حديث ابن مسعود المتقدم، وفي إسناده الهياج بن بسطام وهو ضعيف، قال أحمد: متروك الحديث، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه.

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه النسائي عنها، أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يرغب الناس في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة أمر فيه فيقول: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".

                                                                                                                                                                                  ومنها: حديث أم هانئ ، رواه الطبراني في (الصغير) و(الأوسط) بلفظ: " إن أمتي لن يخزوا ما أقاموا شهر رمضان، قيل: يا رسول الله وما خزيهم في إضاعة شهر رمضان؟ قال: انتهاك المحارم فيه.." الحديث، وفيه: " فاتقوا شهر رمضان؛ فإن الحسنات تضاعف فيه ما لا تضاعف فيما سواه، وكذلك السيئات " وفي إسناده عيسى بن سليمان، أبو طيبة الجرجاني، ذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه ابن معين.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه) قوله: " فتحت أبواب السماء" قد ذكرنا معنى "فتحت"، وهنا قال: " أبواب السماء"، وفي حديث قتيبة الماضي قال: " أبواب الجنة"، وقال ابن بطال: المراد من السماء الجنة بقرينة ذكر جهنم في مقابلة (قلت): جاء في رواية: " أبواب الرحمة" ولا تعارض في ذلك، فأبواب السماء يصعد منها إلى الجنة؛ لأنها فوق السماء وسقفها عرش الرحمن، كما ثبت في (الصحيح)، وأبواب الرحمة تطلق على أبواب الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " احتجت الجنة والنار.." الحديث، وفيه: " وقال الله للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي.." الحديث، وقال الطيبي: فائدة الفتح توقيف الملائكة على استحماد فعل الصائمين، وأن ذلك من الله بمنزلة عظيمة، وأيضا فيه أنه إذا علم المكلف المعتقد ذلك بإخبار الصادق يزيد في نشاطه ويتلقاه بأريحته، وينصره ما روى: " إن الجنة تزخرف لرمضان". قوله: " وغلقت أبواب جهنم" ؛ لأن الصوم جنة فتغلق أبوابها بما قطع عنهم من المعاصي وترك الأعمال السيئة المستوجبة للنار، ولقلة ما يؤاخذ الله العباد بأعمالهم السيئة ليستنقذ منها ببركة الشهر ويهب المسيء للمحسن ويجاوز عن السيئات، وهذا معنى الإغلاق. قوله: " وسلسلت الشياطين" ؛ أي: شدت بالسلاسل، قال الحليمي: يحتمل أن يكون المراد أن الشياطين مسترقوا السمع منهم أن تسلسلهم يقع في ليالي رمضان دون أيامه؛ لأنهم كانوا منعوا زمن نزول القرآن من استراق السمع فزيد التسلسل مبالغة في الحفظ، ويحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من إفساد المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره؛ لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشياطين، وبقراءة القرآن، والذكر، وقيل: المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم، وترجم لذلك ابن خزيمة في (صحيحه)، وأورد ما أخرجه هو والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم من طريق الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة بلفظ: " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين مردة الجن"، وأخرجه النسائي من طريق أبي قلابة عن أبي هريرة بلفظ: " وتغل فيه مردة الشياطين"، ويقال: تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات، و"صفدت" بضم الصاد المهملة وبالفاء المشددة المكسورة؛ أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال، وهو بمعنى "سلسلت". (فإن قلت): قد تقع الشرور والمعاصي في رمضان كثيرا، فلو سلسلت لم يقع شيء من ذلك؟ (قلت): هذا في حق الصائمين الذين حافظوا على شروط الصوم وراعوا آدابه، وقيل: المسلسل بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم كما تقدم في بعض الروايات، والمقصود تقليل الشرور فيه، وهذا أمر محسوس، فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره، وقيل: لا يلزم من تسلسلهم وتصفيدهم كلهم أن لا تقع شرور ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابا غير الشياطين؛ كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الإنسية.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية