الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا محمد بن حميد الرازي ، حدثنا إبراهيم بن المختار عن محمد بن إسحاق ، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن الربيع ) بضم الراء وفتح الموحدة ، وتشديد التحتانية المكسورة ، على صيغة التصغير ( بنت معوذ ) بتشديد الواو وفتحها على الأشهر وجزم الوقشي أنه بالكسر كذا نقله ميرك عن الحافظ بن حجر العسقلاني ، وأغرب شيخنا ابن حجر ، وتبع الوقشي في اقتصاره على الكسر ( بن عفراء ) وهو الذي قتل أبا جهل ، وعفراء أمه ، وأبوه الحارث ( قالت ) أي بنت معوذ ( بعثني معاذ ) أي ابن عفراء كما في نسخة ، وهو عمها وهو المشارك لأخيه في قتل أبي جهل ببدر ، وتم أمر قتله على يد ابن مسعود بأن [ ص: 301 ] جز رأسه وهو مجروح مطروح يتكلم ( بقناع ) الباء للتعدية مع إرادة المصاحبة ، وهو بكسر القاف الطبق الذي يؤكل فيه ، وقيل : الذي يهدى عليه ، ومن في قوله : ( من رطب ) للتبعيض أي بقناع فيه بعض رطب ( وعليه ) أي وعلى القناع أو الرطب ( أجر ) بفتح الهمزة ، وسكون الجيم وراء منون مكسور جمع جر وبكسر الجيم ، وقيل : بتثليث أوله وفي آخره واو كأدل جمع دلو ، وهو الصغير من كل شيء حتى الحنظل والبطيخ ونحوه ، والمراد هنا القثاء كما هو مبين بمن البيانية وأغرب الحنفي حيث قال : هو صغار القثاء وقيل : الرمان وأصله أجرو ، فإن العرب إنما جمعت فعلا على أفعل ، كضرس وأضرس ، وكلب وأكلب أي صغار ( من قثاء ) بكسر أوله وبضم ( زغب ) بضم الزاي وسكون الغين المعجمة ، جمع الأزغب من الزغب بالفتح ، هو صغار الريش أول ما طلع شبه به ما على القثاء من الزغب على ما في النهاية ، وروي زغب مرفوعا على أنه صفة أجر ، ومجرورا على أنه صفة قثاء ، والأول أظهر ويؤيده ما سيأتي من قوله وأجر زغب ، وفي نسخة أخرى بمد الهمزة وفتح الخاء المعجمة ، أي وعلى قناع الرطب قناع آخر من قثاء زغب ، وحينئذ يتعين جر زغب ( كان صلى الله عليه وسلم يحب القثاء ) أي وحده أو مع الرطب ، وهو الظاهر المؤيد لما سبق من جمعه صلى الله عليه وسلم بينهما ( فأتيت به ) الباء للتعدية أي جئته صلى الله عليه وسلم بالقناع المذكور ، وفي نسخ بها أي الأشياء المذكورة ( وعنده ) الواو للحال ( حلية ) بضم فكسر فتشديد تحتية جمع حلي بضم أوله ، وقد يكسر ، ومنه قوله تعالى : واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم قرئ في المتواتر بضم الحاء ، وكذا بكسرها على الإتباع وفي نسخة بكسر فسكون فتخفيف تحتية على وزن لحية ، ومنه قوله تعالى : وتستخرجوا منه حلية تلبسونها ابتغاء حلية وهو الأظهر لوجود التاء واختاره الحنفي .

وقال في المغرب : الحلي على فعول جمع كثدي في جمع ثدي ، وهي مما تتحلى به المرأة من ذهب أو فضة ، انتهى . وأما وجه الحلية بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء مع تاء التأنيث على ما روي في هذا المقام ، فلا وجه له إلا إذا جوز إلحاق التاء بالجمع ، انتهى .

وفي القاموس الحلي بالفتح ما يزين به من مصوغ المعدنيات أو الحجارة ، جمعه حلي كدلي أو هو جمع والواحد حلية كظبية ، والحلية بالكسر الحلي الجمع حلى وحلى ، انتهى . وبهذا يعرف ما في كلام ابن حجر حيث قال : حلية بكسر أو فتح فسكون فتخفيف وبكسر فسكون انتهى .

أما قوله : حلية بفتح أوله فلا يخفى أنه مخالف للرواية والدراية فإن المراد في هذا المقام هو معنى الجمع أو الجنس لا الوحدة وأما قوله : فبكسر فسكون فتشديد ، فلا شك أنه خطأ من الكتاب أو سهو قلم من صاحب الكتاب ، والله أعلم بالصواب . ( قد ) للتحقيق ومدخولها يحتمل أن يكون صفة للحلية أو حال منها ، وقوله : ( قدمت عليه ) بكسر الدال من القدوم ، وهو العود من السفر فالإسناد فيه مجازي ، أي وصلت إليه صلى الله عليه وسلم تلك الحلية ( من البحرين ) بلد مشهور ( فملأ يده منها ) أي من الحلية ( فأعطانيه ) أي [ ص: 302 ] ملأ يده ، وفيه دليل على كمال كرمه ومرؤته صلى الله عليه وسلم ، ورعايته المناسبة التامة ، فإن المرأة أحق ما يتزين به .

التالي السابق


الخدمات العلمية