الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا سويد بن نصر ) : مر في باب الشعر . ( أخبرنا عبد الله بن المبارك ) : مر فيه أيضا . ( عن سعيد بن إياس ) : كرجال بكسر الهمزة وتخفيف التحتية . ( الجريري ) : منسوب إلى جرير مصغرا بجيم [ ص: 139 ] ورائين أحد آبائه ، كان قد اختلط قبل موته بثلاثة سنين ولم يكن اختلاطه فاحشا ، قال ابن معين : هو ثقة . وقال أبو حاتم الرازي : من كتب عنه قديما هو صالح حسن الحديث . ( عن أبي نضرة ) : سبق في باب خاتم النبوة . ( عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا ) : أي لبس ثوبا جديدا ، وأصله ما في القاموس : صيره جديدا . وأغرب من قال : أي طلب ثوبا جديدا . ولعل المراد طلب لبسه أو طلبه من أهله أو خدمه ، وعند ابن حبان من حديث أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا لبسه يوم الجمعة . ( سماه ) : أي الثوب المراد به الجنس . ( باسمه ) : أي المعين المشخص الموضوع له سواء كان الثوب ( عمامة ) : بكسر العين . ( أو قميصا أو رداء ) : أي أو غيرهما كالإزار والسروال والخف ونحوها ، فالمقصود التعميم مثل أن يقول : رزقني الله هذا القميص أو كساني هذه العمامة ، وأشباه ذلك . ( ثم يقول ) : أي بعد لبسه وتسميته . ( اللهم لك الحمد كما كسوتنيه ) : والضمير راجع إلى المسمى ، قال المظهر : ويحتمل أن يكون المراد بالتسمية أن يقول في ضمن كلامه بدلا عن ضمير " كسوتنيه " اللهم لك الحمد كما كسوتني هذا القميص أو العمامة مثلا . قال الطيبي : والأول أظهر لدلالة العطف بثم ، ثم قال : وقوله " كما كسوتنيه " مرفوع المحل بأنه مبتدأ والخبر أسألك إلخ وهو المشبه أي مثلما كسوتنيه من غير حول مني ولا قوة . ( أسألك خيره ) : أي أن توصل إلي خيره . ( وخير ما صنع ) : أي خلق . ( له ) : من الشكر بالجوارح والقلب والحمد لموليه باللسان . ( وأعوذ بك ) : عطف على أسألك ، أي أستعيذ بك من شره . ( وشر ما صنع له ) : من الطغيان والكفران ، انتهى كلام الطيبي . ويحتمل أن تكون " ما " مصدرية ، والكاف بمعنى " على " أو للتعليل أو للتشبيه ، أي الحمد على قدر إنعامه الكسوة وبطبقه وإزائه ، وإما للمبادرة كما في قول القائل أسلم كما تدخل الجنة ، ويحتمل أن يكون " كما " بمعنى " إذا " كما نقل عن الغزالي ، ويحتمل تعلق قوله " كما " بقوله " أسألك " ، والمعنى : أسألك ما يترتب على خلقه [ ص: 140 ] من العبادة به ، وصرفه فيما فيه رضاك ، وأعوذ بك من شر ما يترتب عليه مما لا ترضى به من الكبر والخيلاء وكوني أعاقب به لحرمته . وقال ميرك : خير الثوب بقاؤه ونقاؤه وكونه ملبوسا للضرورة والحاجة لا للفخر والخيلاء ، وخير ما صنع له وهو الضرورات التي من أجلها يصنع اللباس من الحر والبرد وستر العورة ، والمراد سؤال الخير في هذه الأمور ، وأن يكون مبلغا إلى المطلوب الذي صنع لأجله الثوب من العون على العبادة والطاعة لموليه ، وفي الشر عكس المذكورات وهو كونه حراما وبخسا ، أو لم يبق زمانا طويلا ، أو يكون سببا للمعاصي والشرور . هذا وقد ورد فيما يدعو به من لبس ثوبا جديدا أحاديث أخر منها ما أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه والمؤلف في جامعه وحسنه من حديث عمر مرفوعا : " من لبس ثوبا جديدا فقال الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي ، ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق فتصدق به كان في حفظ الله وفي كنف الله وفي ستر الله حيا وميتا " .

ومنها ما أخرجه الإمام أحمد ، والمؤلف في جامعه وحسنه ، وأبو داود والحاكم وصححه ، وابن ماجه من حديث معاذ بن أنس مرفوعا : " من لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر الله له ما تقدم من ذنبه " زاد أبو داود في روايته " وما تأخر " .

ومنها ما أخرجه الحاكم في المستدرك من حديث عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما اشترى عبد ثوبا بدينار أو نصف دينار فحمد الله عليه إلا لم يبلغ ركبتيه حتى يغفر الله له " ، قال الحاكم هذا حديث لا أعلم في إسناده أحدا ذكر بجرح ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية