فصل
إذا ، فله الأخذ وقلع بنائه وغراسه وزرعه مجانا ، لا بحق الشفعة ، بل لأنه شريك . وأحد الشريكين إذا انفرد بهذه التصرفات في الأرض المشتركة ، كان للآخر أن يقلع مجانا . وإن بنى أو غرس المشتري في نصيبه بعد القسمة والتمييز ، ثم علم الشفيع ، لم يكن له قلعه مجانا ، كذا نص عليه بنى المشتري ، أو غرس ، أو زرع ، في المشفوع ، ثم علم الشفيع والأصحاب رضي الله عنهم . وفي المسألة إشكالان . أحدهما : قال الشافعي المزني : المقاسمة تتضمن الرضا من الشفيع ، وإذا رضي بتملك المشتري بطلت شفعته ، فكيف يتصور ثبوت الشفعة بعد القسمة ؟ الثاني أن القسمة تقطع الشركة ، فيصيران جارين ، ولا شفعة للجار . وأجاب الأصحاب عن الأول ، فصوروا صحة القسمة مع بقاء الشفعة في صور .
منها : أن يقال للشفيع : جرى الشراء بألف ، فيعفو ويقاسم ، أو أن الشقص ملكه بالهبة فيقاسم ، ثم بأن الشراء كان بدون ألف ، وأن الملك حصل بالبيع ، فتصح القسمة وتثبت الشفعة .
ومنها : أن يقاسم الشفيع المشتري على ظن أنه وكيل للبائع بإخباره ، أو بسبب آخر . [ ص: 95 ] ومنها : أن يكون للشفيع وكيل بالقسمة مع شركائه ومع المشترين منهم ، فيقاسم الوكيل المشتري بغير علم الشفيع .
ومنها : أن يكون له وكيل في القسمة وفي أخذ الأشقاص بالشفعة ، فرأى في شقص الحظ في تركه ، فيتركه ويقاسم ، ثم يقدم الشفيع ، ويظهر له أن له الحظ في الأخذ ، وكذلك ولي اليتيم .
ومنها : أن يكون الشفيع غائبا ، فيطالب المشتري الحاكم بالقسمة ، فيجيبه وإن علم بثبوت الشفعة ، كذا قاله الأصحاب ، وتوقف الإمام في إجابته إذا علم ثبوت الشفعة . وأما الثاني : فأجابوا عنه بأن الجواز إنما لا يكفي في الابتداء .
فإذا تقرر ما ذكرناه ، فإن اختار المشتري قلع البناء والغراس ، فله ذلك ، ولا يكلف تسوية الأرض ، لأنه كان متصرفا في ملكه .
فإن حدث في الأرض نقص ، فيأخذه الشفيع على صفته ، أو يترك . وإن لم يختر المشتري القلع ، فللشفيع الخيار بين إبقاء ملكه في الأرض بأجرة ، وبين تملكه بقيمته يوم الأخذ ، وبين أن ينقضه ويغرم أرش النقص على الصفة المذكورة في المعير إذا رجع وقد بنى المستعير أو غرس بلا فرق . وإن كان قد زرع ، بقي زرعه إلى أن يدرك فيحصد .
وقياس الباب : أن يجيء الخلاف المذكور هناك في زرع الأرض المستعارة . والمذهب في الموضعين ، تبقية الزرع . ثم قال صاحب التقريب : في مطالبة الشفيع للمشتري بالأجرة ، الخلاف في المعير . وقال الجمهور : لا مطالبة هنا قطعا ، وهو المذهب ، لأنه زرع ملك نفسه ، بخلاف المستعير ، فأشبه من باع أرضا مزروعة ، لا مطالبة للمشتري بأجرة مدة بقاء الزرع على المذهب ، وقد سبق بيانه في كتاب البيع .
[ ص: 96 ] فرع
إذا ، فللشفيع تأخير الشفعة إلى الإدراك والحصاد . قال الإمام : ويحتمل أن لا يجوز التأخير وإن تأخرت المنفعة ، كما لو بيعت الأرض في غير وقت الانتفاع ، لا يؤخر الأخذ إلى وقته . ولو كان في الشقص شجر عليه ثمر لا يستحق بالشفعة ، ففي جواز تأخيره إلى القطاف وجهان ، لأن الثمر لا يمنع الانتفاع بالمأخوذ . زرع المشتري