الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الركن الخامس : الصيغة ، ولا تصح المساقاة بدونها على الصحيح . وفيها الوجه المكتفى في العقود بالتراضي والمعاطاة ، وكذا في القراض وغيره .

                                                                                                                                                                        ثم أشهر الصيغ : ساقيتك على هذه النخيل بكذا ، أو عقدت معك عقد المساقاة .

                                                                                                                                                                        قال الأصحاب : وينعقد بكل لفظ يؤدي معناها ، كقوله : سلمت إليك نخيلي لتتعهدها على كذا ، أو اعمل على هذا النخيل ، أو تعهد نخيلي بكذا ، وهذا الذي قالوه ، يجوز أن يكون تفريعا على أن مثله من العقود ينعقد بالكناية ، ويجوز أن يكون ذهابا إلى أن هذه الألفاظ صريحة ، ويعتبر في المساقاة القبول قطعا ، ولا يجيء فيها الوجه المذكور في القراض والوكالة ، للزومهما .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو عقدا بلفظ الإجارة ، فقال : استأجرتك لتتعهد نخيلي بكذا من ثمارها ، أو عقدا الإجارة بلفظ المساقاة ، فوجهان في المسألتين . أحدهما : الصحة ، لما بين البابين من المشابهة واحتمال كل لفظ معنى الآخر . وأصحهما : المنع ، لأن لفظ الإجارة صريح في غير المساقاة ، فإن أمكن تنفيذه في موضوعه نفذ فيه ، وإلا فلا ، وهو [ ص: 158 ] إجارة فاسدة ، والخلاف راجع إلى أن الاعتبار باللفظ أو المعنى ؟ ولو قال : ساقيتك على هذه النخيل بكذا ليكون أجرة لك ، فلا بأس ، لسبق لفظ المساقاة .

                                                                                                                                                                        هذا إذا قصدا بلفظ الإجارة المساقاة ، أما إذا قصدا الإجارة نفسها ، فينظر ، إن لم تكن خرجت الثمرة ، لم يجز ، لأن شرط الأجرة أن تكون في الذمة أو موجودة معلومة . وإن كانت خرجت ، وبدا فيها الصلاح ، جاز ، سواء شرط ثمرة نخلة معينة ، أو جزءا شائعا ، كذا أطلقوه ، ولكن يجيء فيه ما سنذكره إن شاء الله تعالى في مسألة قفيز الطحان وأخواتها . وإن لم يبد فيها الصلاح ، فإن شرط له ثمرة نخلة بعينها ، جاز بشرط القطع ، وكذا لو شرط كل الثمار للعامل . وإن شرط جزءا شائعا ، لم يجز وإن شرط القطع ، لما سبق في البيع . وإذا عقدا بلفظ المساقاة ، فالصحيح : أنه لا يحتاج إلى تفصيل الأعمال ، بل يحمل في كل ناحية على عرفها الغالب . وقيل : يجب تفصيلها . وهذا الخلاف إذا علم المتعاقدان العرف المحمول عليه . فإن جهله أحدهما وجب التفصيل قطعا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية